الموز في غاية الكبر فقوله تعالى (فِى سِدْرٍ مَّخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ) اشارة إلى ما يكون ورقه في غاية الصغر من الأشجار وإلى ما يكون ورقه في غاية الكبر منها فوقعت الإشارة إلى الطرفين جامعة لجميع الأشجار نظراً إلى أوراقها ، والورق أحد مقاصد الشجر (١).
ثم يستعرض سبحانه ذكر النعمة الثالثة من نعم أهل اليمين بقوله : (وَظِلّ مَّمْدُودٍ).
فسّر البعض هذا (الظل الواسع) بحالة شبيهة للظل الذي يكون ما بين الطلوع الفجر إلى طلوع الشمس من حيث إنتشاره في كل مكان ، وقد نقل حديث للرسول صلىاللهعليهوآله بهذا المعنى في روضة الكافي (٢).
وينتقل الحديث إلى مياه الجنة حيث يقول سبحانه : (وَمَاءٍ مَّسْكُوبٍ).
«مسكوب : من مادة سكب تعني في الأصل الصبّ ، ولأنّ صبّ الماء يكون من الأعلى إلى الأسفل بصورة تيّار أو شلّال فهى إحدى الهبات التي منحها الله لأهل الجنة.
ومن الطبيعي أنّ هذه الجنة المليئة بالأشجار العظيمة ، والمياه الجارية ، لابدّ أن تكون فيها فواكه كثيرة ، وهذا ما ذكرته الآية الكريمة ، حيث يقول سبحانه في ذكر خامس نعمة : (وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَّامَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ).
نعم ، ليست كفواكه الدنيا من حيث محدوديتها في فصول معيّنة من أسابيع أو شهور.
ثم يشير سبحانه إلى نعمة اخرى حيث يقول : (وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ). أي الزوجات الرفيعات القدر والشأن.
«فرش : جمع فراش وتعني في الأصل كل فراش يفرش ولهذا التناسب فإنّها تستعمل في بعض الأحيان كناية عن الزوج (سواء كان رجلاً أو امرأة).
ويصف القرآن الكريم زوجات الجنة بقوله تعالى : (إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً).
وهذه الآية لعلّها تشير إلى الزوجات المؤمنات في هذه الدنيا حيث يمنحهنّ الله سبحانه خلقاً جديداً في يوم القيامة ، ويدخلن الجنة وهنّ في قمّة الحيوية والشباب والجمال والكمال الظاهر والباطن ، وبشكل يتناسب مع كمال الجنة وخلوّها من كل نقص وعيب.
ثم يضيف تعالى : (فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا).
واحتمال أن يكون الوصف مستمرّاً ، كما صرّح كثير من المفسرين بذلك ، واشير له في
__________________
(١) التّفسير الكبير ، الفخر الرازي ٢٩ / ١٦٢.
(٢) روضة الكافي ٨ / ٩٩.