الروايات الإسلامية أيضاً ، حيث الزواج لا يغيّر وضعهن ويبقين أبكاراً (١).
ويضيف في وصفهن بوصف آخر فيقول تعالى : (عُرُبًا).
«عُرُباً : جمع عروبة بمعنى المرأة التي يحكي وضع حالها عن مقام عفّتها وطهارتها ، وعمّا تكنّه من المحبة لزوجها ؛ وإعراب : معناه هو نفس مدلول الإظهار ، ويأتي هذا المصطلح أيضاً بمعنى الفصاحة ولطافة الكلام ، ويمكن جمع المعنيين في هذه الآية.
والوصف الآخر لهن : (أَتْرَابًا). أي : أنّها متماثلات في الجمال وأتراب في الظاهر والباطن ، ومتماثلات في العمر مع أزواجهن.
«أتراب : جمع ترب بمعنى المثل والشبيه. إنّ هذا الشبه والتماثل يمكن أن يكون في أعمار الزوجات بالنسبة لأزواجهن ، كي يدركن إحساسات ومشاعر أزواجهن كاملة.
ثم يضيف تعالى : (لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ).
وهذا تأكيد جديد على إختصاص هذه الصفات والنعم الإلهية بهم.
وفي نهاية هذا العرض يقول سبحانه : (ثُلَّةٌ مّنَ الْأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مّنَ الْأَخِرِينَ).
«ثلّة : في الأصل بمعنى قطعة مجتمعة من الصوف ، ثم اطلقت على كل مجموعة من الناس عظيمة ومتماسكة ، وبهذا الترتيب فإنّ مجموعة عظيمة من أصحاب اليمين هم من الامم السابقة ، ومجموعة عظيمة من الامة الإسلامية ، لأنّ بين المجموعتين كثير من الصالحين والمؤمنين ، بالرغم من أنّ السابقين للإيمان في الامة الإسلامية أقلّ من السابقين للإيمان في الامم السابقة ، وذلك لكثرة تلك الامم وكثرة أنبيائها.
(وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (٤١) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (٤٤) إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥) وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦) وَكَانُوا يَقُولُونَ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) (٥٠)
العقوبات المؤلمة لأصحاب الشمال : بعد الاستعراض الذي مرّ بنا حول النعم والهبات العظيمة التي منحها الله سبحانه للمقربين من عباده ولأصحاب اليمين من أوليائه ، يتطرق
__________________
(١) روح المعاني ٢٧ / ١٤٢.