أحياناً جيراناً أو في بيت واحد ... نعم كنّا معاً ، إلّاأنّ اختلافاتنا في العقيدة والعمل كانت هي الفواصل بيننا ، لقد كنتم تسيرون في خطّ منفصل عن خطّنا وكنتم غرباء عن الله في الاصول والفروع ، لذا فأنتم بعيدون عنّا ، ثم يضيفون : لقد إبتليتم بخطايا وذنوب كثيرة من جملتها :
١ ـ (وَلكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ) وخدعتموها بسلوك طريق الكفر والضلال.
٢ ـ (وَتَرَبَّصْتُمْ) وانتظرتم موت النبي وهلاك المسلمين وإنهدام أساس الإسلام ، بالإضافة إلى التهرّب من إنجاز كل عمل إيجابي وكل حركة صحيحة ، حيث تتعلّلون وتماطلون وتسوّفون إنجازها.
٣ ـ (وَارْتَبْتُمْ) في المعاد وحقّانية دعوة النبي والقرآن ..
٤ ـ وخدعتكم الآمال (وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِىُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللهِ).
هذه الأماني لم تعطكم مجالاً ـ حتى لحظة واحدة ـ للتفكر الصحيح ، لقد كنتم مغمورين في تصوراتكم وتعيشون في عالم الوهم والخيال ، واستولت عليكم امنية الوصول إلى الشهوات والأهداف المادية.
٥ ـ (وَغَرَّكُم بِاللهِ الْغَرُورُ). إنّ الشيطان غرّكم بوساوسه في مقابل وعد الله عزوجل ، فتارةً صوّر لكم الدنيا خالدة باقية واخرى صوّر لكم القيامة بعيدة الوقوع ، وفي بعض الأحيان غرّكم بلطف الله والرحمة الإلهية ، وأحياناً جعلكم تشكّون في أصل وجود الله العظيم الخالق.
وأخيراً فإنّ المؤمنين ـ بلحاظ ما تقدّم ـ يخاطبون المنافقين بقولهم : (فَالْيَوْمَ لَايُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا). وبهذا الترتيب يواجه المنافقون نفس مصير الكفار أيضاً ، وكلّهم رهينة ذنوبهم وأعمالهم القبيحة ، ولا يوجد لهم أي طريق للخلاص.
ثم يضيف سبحانه : (مَأْوَيكُمُ النَّارُ هِىَ مَوْلكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).
الإنسان ـ عادةً ـ لكي ينجو من العقوبة المتوقعة في الدنيا ، يتوسل للخلاص منها إمّا بالغرامة المالية أو طلب العون والمساعدة من قوّة شفيعة ، إلّاأنّه في يوم القيامة تنقطع كل الأسباب والوسائل المادية المتعارف عليها في هذا العالم للوصول إلى المقاصد المرجوة.
وبهذه الصورة يوضّح القرآن الكريم أنّ الوسيلة الوحيدة للنجاة في ذلك اليوم هي الإيمان والعمل الصالح في الدنيا ، حتى أنّ دائرة الشفاعة محدودة للأشخاص الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيّئاً وليسوا من الغرباء مطلقاً عن الإيمان والذين قطعوا إرتباطهم بصورة كلية من الله وأوليائه وعصوا أوامره.