(أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (١٦) اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١٧) إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ) (١٨)
سبب النزول
في تفسير مجمع البيان : قيل : إنّ الآية الاولى نزلت في المنافقين بعد الهجرة بسنة ، وذلك أنّهم سألوا سلمان الفارسي ذات يوم فقالوا : حدثنا عما في التوراة ، فإنّ فيها العجائب. فنزلت (الر تِلْكَءَايَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ) إلى قوله (لَمِنَ الْغَافِلِينَ) (١) فخبّرهم أنّ القرآن أحسن القصص وأنفع لهم من غيره ، فكفوا عن سؤال سلمان ما شاء الله. ثم عادوا فسألوا سلمان عن مثل ذلك ، فنزلت آية (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا) (٢) فكفوا عن سؤال سلمان ما شاء الله. ثم عادوا فسألوا سلمان ، فنزلت هذه الآية.
التّفسير
إلى متى هذه الغفلة : بعد ما وجّهت الآيات السابقة مجموعة من الإنذارات الصارمة والتنبّهات الموقظة ، وبيّنت المصير المؤلم للكفّار والمنافقين في يوم القيامة ، جاءت الآية الاولى مورد البحث بشكل استخلاص نتيجة كلية من ذلك ، فتقول : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَءَامَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مّنْهُمْ فَاسِقُونَ) (٣).
«تخشع : من مادة خشوع بمعنى حالة التواضع مقترنة بالأدب الجسمي والروحي ، حيث تنتاب الإنسان هذه الحالة ـ عادةً ـ مقابل حقيقة مهمّة أو شخصية كبيرة.
__________________
(١) سورة يوسف / ١ ـ ٣.
(٢) سورة الزمر / ٢٣.
(٣) يأن : من مادة إنا ، على وزن (ندا) ومن مادة (أناء) على وزن جفاء بمعنى الإقتراب وحضور وقت الشيء.