وقوله تعالى : (فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) أي فى تناولهما إبطاء عن الخيرات. وقد أثم إثما وأثاما فهو آثم وأثم وأثيم ، وتأثم خرج من إثمه كقولهم تحوب خرج من حوبه وحرجه أي ضيقه. وتسمية الكذب إثما لكون الكذب من جملة الإثم ، وذلك كتسمية الإنسان حيوانا لكونه من جملته. وقوله تعالى : (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ) أي حملته عزته على فعل ما يؤثمه. (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً) أي عذابا ، فسماه أثاما لما كان منه. وذلك كتسمية النبات والشحم ندى لما كانا منه فى قول الشاعر :
تعلى الندى فى متنه وتحدرا
وقيل معنى يلق أثاما : أي يحمله ذلك على ارتكاب آثام وذلك لاستدعاء الأمور الصغيرة إلى الكبيرة. وعلى الوجهين حمل قوله تعالى : (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) والآثم المتحمل الإثم ، قال تعالى : (آثِمٌ قَلْبُهُ) وقوبل الإثم بالبر فقال صلىاللهعليهوسلم : «البر ما اطمأنت إليه النفس ، والإثم ما حاك فى صدرك»
وهذا القول منه حكم البر والإثم لا تفسيرهما. وقوله تعالى : (مُعْتَدٍ أَثِيمٍ) أي آثم ، وقوله : (يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) قيل : أشار بالإثم إلى نحو قوله : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) وبالعدوان إلى قوله : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) فالإثم أعم من العدوان.
(أج) : قال تعالى : (هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) شديد الملوحة والحرارة من قولهم أجيج النار وأجتها وقد أجت. وائتج النهار. ويأجوج ومأجوج منه شبهوا بالنار المضطرمة والمياه المتموجة لكثرة اضطرابهم ، وأج الظليم إذا عدا أجيجا تشبيها بأجيج النار.
(أجر) : الأجر والأجرة ما يعود من ثواب العمل دنيويا كان أو أخرويا نحو قوله تعالى : (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) ـ (وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) ـ (وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا) والأجرة فى الثواب الدنيوي ، وجمع الأجر أجور. وقوله : (آتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) كناية عن المهور ، والأجر والأجرة يقال فيما كان عن عقد وما يجرى مجرى العقد ولا يقال إلا فى النفع دون الضر نحو قوله : (فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) وقوله تعالى : (فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ)