(أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ) بدل ، أي ولا تحسبن أن ما نملى للكافرين خير لهم. و (أن) مع ما فى حيزه ينوب عن المفعولين. وما مصدرية ، أي :
ولا تحسبن أن إملاءنا خير. والإملاء لهم : تخليتهم وشأنهم.
(أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ) ما ، هنا ، كافة. وهذه جملة مستأنفة تعليل للجملة قبلها ، كأنه قيل : ما بالهم لا يحسبون الإملاء خيرا لهم ، فقيل : إنما نملى لهم ليزدادوا إثما. فازدياد الإثم علة للإملاء وليس غرضا.
وقرئ بكسر (إنما) الأولى ، وفتح (أنما) الثانية ، على معنى ، ولا يحسبن الذين كفروا أن إملاء لازدياد الإثم كما يفعلون ، وإنما هو ليتوبوا ويدخلوا فى الإيمان ، ويكون (أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ) اعتراض بين الفعل ومعموله ، والمعنى : أن املاءنا خير لأنفسهم إن عملوا فيه وعرفوا إنعام الله عليهم بتفسيح المدة وترك المعاجلة بالعقوبة.
ويكون معنى قوله (وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) على هذه القراءة : ولا تحسبوا أن إملاءنا لزيادة الإثم والتعذيب ، والواو للحال ، كأنه قيل : ليزدادوا إثما معدا لهم عذاب مهين.
١٧٩ ـ (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) :
(لِيَذَرَ) اللام لتأكيد النفي.
(عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) من اختلاط المؤمنين الخلص والمنافقين. والخطاب للمصدقين جميعا من أهل الإخلاص والنفاق.
(حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) حتى يعزل المنافق عن المخلص.
(وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ) أي وما كان الله ليؤتى أحدا منكم علم الغيوب فلا تتوهموا عند إخبار الرسول بنفاق رجل وإخلاص آخر أنه يطلع على ما فى القلوب اطلاع الله فيخبر عن كفرها وإيمانها.