وقيل : المراد جنس المساجد ، وإذا لم يصلحوا لأن يعمروا جنسها ، دخل تحت ذلك أن لا يعمروا المسجد الحرام الذي هو صدر الجنس ومقدمته.
(شاهِدِينَ) حال من الواو فى قوله (أَنْ يَعْمُرُوا). والمعنى : ما استقام لهم أن يجمعوا بين أمرين متنافيين ، عمارة متعبدات الله ، مع الكفر بالله وبعبادته.
ومعنى شهادتهم على أنفسهم بالكفر : ظهور كفرهم وأنهم نصبوا أصنامهم حول البيت ، وكانوا يطوفون عراة ، ويقولون : لا نطوف عليها بثياب قد أصبنا فيها المعاصي.
١٨ ـ (إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) :
(إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ) أي انما تستقيم عمارة هؤلاء وتكون معتدا بها. وعمارتها تناولها بما يلزم لها من صيانة وحفظ.
(فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) تبعيد للمشركين عن مواقف الاهتداء.
١٩ ـ (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) :
أي لا ينبغى أن تجعلوا القائمين بسقاية الحجيج وعمارة المسجد الحرام من المشركين فى منزلة الذين آمنوا بما لله وحده ، وصدقوا بالبعث والجزاء ، وجاهدوا فى سبيل الله ، ذلك أنهم ليسوا بمنزلة واحدة عند الله ، والله لا يهدى إلى طريق الخير القوم المستمرين على ظلم أنفسهم بالكفر وظلم غيرهم بالأذى المستمر.