ولم ينسابوا وراء شهوة الحكم لما واجه المسلمون الأزمات القاسية والأحداث الرهيبة.
لقد تحقّق ما تنبّأ به الإمام ، فلم تمض حفنة من السنين حتى انتضيت السيوف وتصارع القوم على الحكم ، فكان بعضهم من أئمّة الضلال ، وشيعة لأهل الجهالة والضلال.
إذعان الإمام لمصلحة المسلمين :
وأعرب الإمام عليهالسلام حينما بويع عثمان عن إذعانه لمصلحة المسلمين ، فقد خاطب أعضاء الشورى قائلا :
« لقد علمتم أنّي أحقّ النّاس بها ـ أي الخلافة ـ من غيري ؛ وو الله لأسلمنّ ما سلمت أمور المسلمين ؛ ولم يكن فيها جور إلاّ عليّ خاصّة ، التماسا لأجر ذلك وفضله ، وزهدا فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه » (١).
لقد كانوا على ثقة وإيمان انّ الإمام عليهالسلام أحقّ بالخلافة وأولى بالأمر من غيره ، فهو حامي الإسلام ، والمجاهد الأوّل ، وأخو النبي صلىاللهعليهوآله .
وصبر الإمام على سلب تراثه حفظا على كلمة الإسلام ووحدة المسلمين ، وقد أدلى بذلك بقوله عليهالسلام.
« إنّ الله لمّا قبض نبيّه استأثرت علينا قريش بالأمر ودفعتنا عن حقّ نحن أحقّ به من النّاس كافّة ، فرأيت أنّ الصّبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين وسفك دمائهم ، والنّاس حديثو عهد بالإسلام ، والدّين يمخض مخض الوطب ، يفسده أدنى وهن ، ويعكسه أقلّ خلق ،
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٦ : ١٦٦.