ـ لاتّفاقك معهم ـ في البلاء والعناء ، وخير لك أن تعودي إلى بيتك ، ولا تحومي حول الخصام والقتال ، وإن لم تعودي ولم تطفئي هذه النّائرة فإنّها سوف تعقب القتال ، ويقتل فيها خلق كثير ، فاتّقي الله يا عائشة وتوبي إلى الله فإنّ الله يقبل التّوبة من عباده ويعفو ، وإيّاك أن يدفعك حبّ عبد الله بن الزّبير وقرابة طلحة إلى أمر تعقبه النّار ».
ولو أنّها وعت هذه النصيحة ، واستجابت لنداء الحق لجنّبت الامّة الكثير من المآسي والخطوب إلاّ انها جعلت ذلك دبر اذنيها ، وقالت للرسولين : إني لا أردّ على ابن أبي طالب بالكلام لأني لا أبلغه بالحجاج (١). ولم ترد على الإمام بالكلام ، وانما ردّت عليه بالسيوف والرماح وأبت أن تذعن لنداء الحق.
مع طلحة والزبير :
وأقام الإمام عليهالسلام الحجّة على طلحة والزبير ، فقد بعث إليهما برسالة يدعوهما إلى الوئام ، وجمع كلمة المسلمين ، وهذا نصها :
« أما بعد : فقد علمتما ـ وإن كتمتما ـ أنّي لم ارد النّاس حتّى أرادوني ، ولم ابايعهم حتّى بايعوني ، وإنّكما ممّن أرادني وبايعني ، وانّ العامّة لم تبايعني لسلطان غالب ، ولا لعرض حاضر ، فإن كنتما بايعتماني طائعين فارجعا وتوبا إلى الله من قريب ، وإن كنتما بايعتماني كارهين فقد جعلتما لي عليكما السّبيل باظهاركما الطّاعة وإسراركما المعصية ، ولعمري ما كنتما بأحقّ المهاجرين بالتّقيّة والكتمان ، وأنّ دفعكما هذا الأمر من قبل أن تدخلا فيه كان أوسع عليكما من خروجكما منه بعد
__________________
(١) حياة الإمام الحسن عليهالسلام ١ : ٤٤٣ ، نقلا عن تاريخ ابن أعثم.