مع معاوية
وأعلن معاوية التمرّد على حكومة الإمام ، ورفض البيعة والدخول فيما دخل فيه المسلمون ، فقد رأى له قوة تمكّنه من مناجزة الإمام ؛ وذلك لما له من النفوذ والمكانة في بلاد الشام فانّه لم يعمل فيها عمل وال ، وإنمّا عمل فيها عمل صاحب الدولة الذي يؤسسها ، فقد أمدّه عمر وعثمان بجميع مقومات البقاء والقوة ، ويعترف معاوية بصراحة أنّه لو لا أبو بكر وعمر لما نازع الإمام ، فقد أعلن ذلك في رسالته إلى محمّد بن أبي بكر جاء فيها :
كان أبوك وفاروقه أوّل من ابتزه ـ يعني عليا ـ حقّه ، وخالفاه على أمره ، على ذلك اتّفقا واتّسقا ، ثمّ دعواه إلى بيعتهما فأبطأ عنهما وتلكأ عليهما فهمّا به الهموم ، وأرادا به العظيم ـ يعني قتله ـ ، ثمّ انّه بايع لهما وسلم لهما ، وأقاما لا يشاركانه في أمرهما ، ولا يطلعانه على سرهما حتى قبضهما الله.
وأضاف قائلا :
فإن يك ما نحن فيه صوابا فأبوك استبدّ به ونحن شركاؤه ، ولو لا ما فعل أبوك من قبل ما خالفنا ابن أبي طالب ولسلمنا له ، ولكن رأينا أباك فعل ذلك به من قبلنا وأخذنا بمثله (١).
__________________
(١) المسعودي على هامش ابن الأثير ٦ : ٧٨ ـ ٧٩.