إلى كتاب الله ، قلت لكم : إنّي أعلم بالقوم منكم ، إنّهم ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن ، إنّي صحبتهم ، وعرفتهم أطفالا ورجالا ، فكانوا شرّ رجال وشرّ أطفال ، امضوا على حقّكم وصدقكم إنّما رفع القوم لكم هذه المصاحف خديعة وو هنا ومكيدة ، فرددتم عليّ رأيي.
وقلتم : لا ، بل نقبل منهم ، فقلت لكم : اذكروا قولي لكم ومعصيتكم إيّاي ، فلمّا أبيتم إلاّ الكتاب اشترطت على الحكمين أن يحييا ما أحياه القرآن وأن يميتا ما أماته القرآن ، فإن حكما بحكم القرآن ، فليس لنا أن نخالف حكم من حكم بما في الكتاب ، وإن أبيا فنحن من حكمهما برآء » (١).
وقد دحضت هذه المحاججة أوهام الخوارج ، وأظهرت زيف ما يذهبون إليه ، وهم يتحملون المسئولية الكبرى فيما آلت إليه امور المسلمين ، فهم الذين أرغموا الإمام على قبول التحكيم ، وهم الذين فرضوا عليه أبا موسى الأشعري ممثلا عنهم في التحكيم فأي مسئولية بعد هذا تقع على الإمام عليهالسلام؟
مناظرة اخرى للإمام معهم :
وبعد أن فشلت جميع الوسائل التي اتخذها الإمام لإقناع الخوارج فقد أشاعوا الفساد والتمرّد والرعب بين المسلمين ، فلم يجد الإمام عليهالسلام طريقا لإعادة الأمن والاستقرار إلاّ فتح باب الحرب معهم ، وقد وجّه إليهم خطابا مشفوعا بالنصح والإرشاد لهم قائلا :
« أيّتها العصابة! إنّي نذير لكم أن تصبحوا تلعنكم الامّة غدا ، وأنتم
__________________
(١) نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة ٢ : ٢٨٩ ـ ٢٩٠.