سقاهم الله ، حتّى إنّ الشّابّ المعجب بشبابه لهمّته نفسه في الرّجوع إلى منزله فما يقدر على ذلك من شدّة السّيل ، فدام اسبوعا ، فأتوه في الجمعة الثّانية فقالوا : يا رسول الله ، لقد تهدّمت الجدر ، واحتبس الرّكب والسّفر ، فضحك صلىاللهعليهوآله وقال : هذه سرعة ملالة ابن آدم ، ثمّ قال : اللهمّ حوالينا ولا علينا ، اللهمّ في اصول الشّيح ومراتع البقع ، فرئي حوالي المدينة يقطر المطر قطرا ، وما يقع في المدينة قطرة لكرامته على الله عزّ وجلّ.
اليهودي : إنّ هودا قد انتصر الله له من أعدائه بالريح ، فهل فعل لمحمّد صلىاللهعليهوآله شيئا من هذا؟
لقد كان كذلك ، ومحمّد صلىاللهعليهوآله اعطي ما هو أفضل من هذا ، إنّ الله عزّ وجلّ قد انتصر له من أعدائه بالرّيح يوم الخندق ، إذ أرسل عليهم ريحا تذرو الحصى ، وجنودا لم يروها فزاد الله تبارك وتعالى محمّدا صلىاللهعليهوآله على هود بثمانية آلاف ملك ، وفضّله على هود ، بأنّ ريح عاد ريح سخط وريح محمّد صلىاللهعليهوآله ريح رحمة ، قال الله تبارك وتعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها ) (١).
اليهودي : إنّ صالحا أخرج الله له ناقة جعلها عبرة لقومه.
لقد كان كذلك ، ومحمّد صلىاللهعليهوآله اعطي ما هو أفضل من ذلك ، إنّ ناقة صالح لم تكلّم صالحا ، ولم تشهد له بالنّبوّة ، ومحمّد صلىاللهعليهوآله بينما نحن معه في بعض غزواته إذا هو ببعير قد دنا ، ثمّ رغا فأنطقه الله عزّ وجلّ فقال : يا رسول الله ، إنّ فلانا استعملني حتّى كبرت ، ويريد نحري فأنا أستعيذ بك منه ، فأرسل رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى صاحبه فاستوهبه منه ، فوهبه له وخلاّه ...
__________________
(١) الأحزاب : ٩.