اليهودي : إنّ إبراهيم قد تيقظ بالاعتبار على معرفة الله تعالى ، وأحاطت دلالته بعلم الإيمان به؟
لقد كان كذلك ، واعطي محمّد صلىاللهعليهوآله أفضل من ذلك ، قد تيقّظ بالاعتبار على معرفة الله تعالى ، وأحاطت دلائله بعلم الإيمان به ، وتيقّظ إبراهيم وهو ابن خمس عشرة سنة ، ومحمّد صلىاللهعليهوآله كان ابن سبع سنين ، قدم تجّار من النّصارى فنزلوا بتجارتهم بين الصّفا والمروة ، فنظر إليه بعضهم فعرفه بصفته ورفعته ، وخبر مبعثه وآياته فقالوا له : يا غلام ، ما اسمك؟ قال محمّد. قالوا : ما اسم أبيك؟ قال : عبد الله. قالوا : ما اسم هذه ـ وأشاروا إلى الأرض ـ قال : الأرض ، ثمّ قالوا فما اسم هذه؟ وأشاروا إلى السّماء؟ قال : السّماء. قالوا : فمن ربّهما؟ قال : الله ، ثمّ انتهرهم وقال : أتشكّكوني في الله عزّ وجلّ؟ ويحك يا يهودي! لقد تيقّظ بالاعتبار على معرفة الله عزّ وجلّ مع كفر قومه ، إذ هو بينهم يستقسمون بالأزلام ، ويعبدون الأوثان ، وهو يقول : لا إله إلاّ الله.
اليهودي : إنّ إبراهيم حجب عن نمرود بحجب ثلاثة؟
لقد كان كذلك ، ومحمّد صلىاللهعليهوآله حجب عمّن أراد قتله بحجب خمسة ، فثلاثة بثلاثة ، واثنان فضل ، قال الله عزّ وجلّ : ( وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا ) (١) فهذا الحجاب الأوّل ، ( وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا ) فهذا الحجاب الثّاني ، ( فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ ) فهذا الحجاب الثّالث ، ثمّ قال : ( وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً ) (٢) فهذا الحجاب الرّابع ، ثمّ قال : ( فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ
__________________
(١) يس : ٩.
(٢) الإسراء : ٤٥.