جواز القياس ، وهو مدرك من مدارك احكام الشرع. على ان محمد يوسف يميل الى ان الرسول نفسه ، هو الذي وضع مبدأ القياس. وذلك حينما بعث معاذا على قضاء اليمن ، وقد قال له يومذاك : كيف تصنع اذا عرض لك قضاء بين اثنين؟ قال : أقضي بما في كتاب الله. قال : فإن لم يكن في كتاب الله؟ قال : فبسنّة رسول الله. قال : فإن لم يكن في السنة شيء من ذلك؟ قال : اجتهد رأيي لا اكد. فضرب رسول الله بيده في صدر معاذ ، وقال : الحمد لله الذي وفق رسول الله لما يرضاه رسول الله.
ثم نقل عن اعلام الموقعين لابن القيم ، ان محرز المدلجي الكناني ، قد استعمل القيافة والقياس أيام رسول الله ، وحكم عن طريق القياس ، ان اسامة ولد شرعي لزيد بن حارثة ، وان الرسول سر بذلك ، حتى برقت اسارير وجهه ، وكانت الشبهة قد وقعت على اسامة لأنه اسود اللون وزيد ابيض. ولكن تشابه اقدامهما اقتضى إلحاق الفرع بأصله ، وعدم تأثير الوصف في ذلك.
ونقل عنه ايضا ، ان حد القذف ورد في القرآن فيمن قذف المحصنات ، كما جاء في الآية الرابعة من سورة النور : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً) ، فقاس الصحابة من يرمي المحصنين على المحصنات.
وبعد أن ساق الدكتور يوسف (١) هذين وغيرهما عن ابن القيم ، نقل عنه ما ارتضاه من كلام المزني ، ان الفقهاء من عصر الرسول الى
__________________
(١) تاريخ الفقه الاسلامي (ص ٢٤ ـ ٢٥).