الدين والمشرفين على تنفيذه وتطبيقه. ومن ثم كان هذا القانون الإلهي قابلا للتطبيق في كل حال وزمان ، إذا عرف القائمون عليه كيف يستوحون أحكامه وأسراره. وهل يكون القرآن مقصورا على حياة العرب الساذجة ، على حد زعم المستشرق (جولد شيهر) ، مع أنه يؤكد في أكثر من آية أن الرسول كان الى الناس كافة ، من غير فرق بين العرب وغيرهم ، ولا بين الأبيض والأسود ، وأنه خاتم الأنبياء ورسالته خاتمة الرسالات المنزلة من السماء؟! وكيف يكون النبي رسولا الى الناس كافة ، كما جاء في آيات القرآن ، وشريعته مقصورة على الحياة البسيطة الساذجة ، التي كان يحياها عرب البادية في عصره. وما الفائدة من إرساله الى الناس كافة ، اذا لم تكن شريعته لجميع الناس ، ولم يعالج مشاكل الناس كافة.
ويبدو أن الكاتب في آرائه حول الشريعة الإسلامية يحاول الدس وتشويه الحقائق واظهار التشريع الإسلامي على غير واقعه.
ان الكاتب يريد أن يقول للمسلمين ، بوحي من أسياده المستعمرين ، ان شريعتكم لا تكفي لحل مشاكلكم ، فعليكم بغيرها من القوانين ، التي تضمن لكم السعادة والعيش الهنيئ ، في ظل الاسنعمار والصهيونية ؛ وان قرآنكم لم يعالج سوى مشاكل العرب الساذجة ، الذين كانوا في عصر نبيكم. أما مشاكل الحياة التي تتطور يوما بعد يوم ، والتي لا بد لها من حلول تضمن للانسان الخير والهدوء ، فاطلبوها من غير القرآن ـ واهجروه فانه لا يغني عنكم شيئا.
ومهما كان الحال ، فالاجتهاد في عصر التابعين ، مما تستدعيه الحاجة ، وتقتضيه طبيعة ذلك العصر. ومما لا شك فيه أن الدواعي اليه في بعض الأقطار الإسلامية ، كان أكثر منها في البعض الآخر.