التذكر
كلمة «التذكر» مشتقة من مادة الذكر ، والذكر ضد النسيان ، يقال : ذكرت الشيء ، خلاف نسيته ، ثم حملوا عليه الذكر باللسان ، وانما سموا الذكر باللسان ذكرا لأنه دلالة على الذكر القلبي ، غير أنه لما كثر اطلاق الذكر على القول اللساني صار هو السابق الى الفهم. وهم يقولون : اجعل هذا الشيء منك على ذكر ـ بضم الذال ـ أي لا تنسه ، والذكر أيضا يراد به العلاء والشرف ، ومنه قوله تعالى في سورة الزخرف : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ).
والذكر يقال تارة ويراد به هيئة النفس التي يمكن بها أن يحفظ الإنسان ما يقتنيه من المعرفة ، ويقال أيضا لحضور الشيء في القلب ، وقد يكون الذكر عن نسيان ، وقد يكون عن ادامة الحفظ ، أي استحضار شيء منسي أو غائب ، أو الاحتفاظ بشيء موجود قائم. ويقول الطبرسي في تفسيره : الذكر حضور المعنى للنفس ، وقد يكون بالقلب ، وقد يكون بالقول ، وكلاهما يحضر به المعنى للنفس ، وفي أكثر الاستعمال يقال : الذكر بعد النسيان ، وليس ذلك بموجب أن لا يكون الا بعد نسيان ، لأن كلّ من حضره المعنى بالقول أو العقد أو الخطور بالبال ذاكر له ، وأصله التنبه على الشيء ، فمن ذكرته شيئا فقد نبهته عليه ، وإذا ذكر بنفسه فقد تنبّه عليه.
والفرق بين الذكر والخاطر هو أن الخاطر ما يمر بالقلب ، ولكن الذكر كما عرفنا قد يكون بالقلب والقول. والتذكر ـ في عرف الأخلاق ـ فضيلة تجعل الإنسان حيّ القلب يقظ الضمير ، مرهف الإحساس رقيق الشعور