الخشوع لله
تكرر ذكر مادة «الخشوع» في كتاب الله عزوجل أكثر من خمس عشرة مرة ؛ ومعنى الخشوع في الأصل هو الانخفاض والسكون والتطامن ، وكل ساكن خاضع فهو خاشع ، ويقال للأرض المتهشمة النبات التي يبست ولم تمطر : إنها خاشعة ، وعلى هذا جاء قول القرآن الكريم : (وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ).
ويقال : خشع الرجل يخشع خشوعا ، إذا رمى ببصره إلى الأرض ، واختشع : إذا طأطأ رأسه وتواضع ، وخشوع الصوت خفضه وغضه ، وقيل إن الخشوع قريب من الخضوع ، إلا أن الخضوع يكون في البدن ، والخشوع يكون في البدن والصوت والبصر ، والخشوع أيضا هو الضراعة ، ولكن أكثر استعمال الخشوع فيما يوجد على الجوارح ، وأكثر استعمال الضراعة فيما يوجد في القلب ، ولذلك قيل فيما يروى : «إذا ضرع القلب خشعت الجوارح». وقيل إن التخشع هو تكلف الخشوع.
هكذا تحدث أهل اللغة عن «الخشوع». وأما العلماء والفقهاء وأهل الأخلاق فقد قالوا إن الخشوع هو هيئة في النفس يظهر منها على الجوارح سكون وتواضع ، ولذلك قال قتادة : الخشوع في القلب ، وقيل : إن الخشوع هو الخوف وغض البصر في الصلاة ، كما قيل إنه انقياد المؤمن للحق ، فإذا ذكّره مذكّر بالحق تقبله ، وانقاد إليه ، وخضع له ؛ ولعل هذا قريب في معناه مما أشار إليه الجنيد حين قال : «الخشوع تذلل القلوب لعلام الغيوب».
ومن هذا نفهم أن موطن الخشوع الأساسي هو القلب ، وتظهر آثاره عادة