التفكر
«التفكر» كلمة فيها معنى النظر والتفهم ، وقد عرّف الراغب الأصفهاني التفكر بأنه جولان قوة الفكر بحسب نظر العقل ، ويستعمل الفكر في المعاني ، وهو فحص الأمور وبحثها طلبا للوصول إلى حقيقتها ، ولذلك تقول اللغة إن الفكر هو إعمال النظر في الشيء ولكن التفكر بالمعنى الأخلاقي الإسلامي القرآني هو أن ينظر الانسان في الشيء على وجه العبرة والعظة ، لتقوية جوانب الخير والصلاح ، ومقاومة دواعي الشر والفساد.
ولذلك نجد المفسرين يتعرضون لمعنى قوله تعالى : (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) فيقولون في معنى : (لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) : أي لكي تتفكروا في امر الدنيا وامر الآخرة ، فتتجنبوا ما يجلب عليكم البلاء والشقاء فيهما ، وتعتصموا بما هو لائق بالمؤمنين من الأخلاق والمكارم ، وتستنبطوا الأحكام ، وتفهموا المصالح والمنافع المنوطة بها ، فتأخذوا بالأصلح ، وتبعدوا عما يضركم ولا ينفعكم ، أو يضركم أكثر مما ينفعكم.
ولقد جاء ذكر التفكر في القرآن الكريم عدة مرات ، فقال الله تعالى في سورة البقرة : (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ ، وَأَصابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ ، كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ). وقال في سورة الأنعام : (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ، وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ ، قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَفَلا