وخزي في الحياة ، وان يموتوا |
|
يلاقوا ما تضيق به الصدور |
* * *
هذا ومما ينبغي أن نتذكره أن بعض الجاهلين زعم أن كلمة «الحنيفية» عند العرب قديما كانت تطلق على الشرك ، وقد تكفل بالرد على هذا الجهل الاستاذ الامام الشيخ محمد عبده ، حين تعرض لتفسير قوله تعالى في سورة البقرة : (وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين) (١) فذكر أن الحنيف هو المائل ، وأطلق على الخليل ابراهيم ، لأن الناس في عصره كانوا على طريقة واحدة وهي الكفر ، فخالفهم كلهم ، وتنكب طريقتهم. ثم قال :
«قال بعض المشتغلين بالعربية من الافرنج : ان الحنيفية هي ما كان عليه العرب من الشرك ، فاحتجوا على ذلك بقول بعض النصارى في زمن الجاهلية : (ان فعلت هذا أكون حنيفيا). وانها لفلسفة جاءت من الجهل باللغة. وقد ناظرت بعض الافرنج في هذا ، فلم يجد ما يحتج به الا عبارة ذلك النصراني ، وهو الآن يجمع كل ما نقل عن العرب من هذه المادة ، لينظر كيف كانوا يستعملونها ، ولا دليل في كلمة النصراني العربي ، على أن الكلمة تدل لغة على الشرك ، وانما مراده بكلمته البراءة من دين العرب مطلقا ، ذلك ان بعض العرب كانوا يسمون أنفسهم الحنفاء ، أيضا.
والسبب في التسمية والدعوى أن سلفهم كانوا على ملة ابراهيم حقيقة ، ثم طرأت عليهم الوثنية ، فأخذتهم عن عقيدتهم ، وأنستهم أحكام
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ١٣٥.