والاخلاص ، فيقول في سورة النساء : (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله) (١). أي مطيعات لله ولرسوله ولأزواجهن ، قائمات بحقوق الزوجية أمينات عليها ، حافظات للعهد والميثاق.
والقرآن الكريم يطالبنا بأن نتحلى بصفة القنوت ، فيقول في سورة البقرة : (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) (٢). أي خاضعين مطيعين خاشعين ، واذا كان بعض المفسرين قد قال ان المراد بالقنوت هنا هو الصلاة أو طول القيام فيها ، فان المتدبر لا يستحسن هذا القول ، اذ ينبغي في هذه الآية الكريمة أن يكون القنوت غير الصلاة وغير القيام فيها ، والا وقع التكرار بلا موجب.
وأكاد أفهم أن القنوت بالمعنى الأخلاقي فيه معنى الطاعة الخاشعة الراجية الصامتة ، التي تتسم بسمة الدوام والاستمرار ، وقد يؤيد هذا ما قيل من أن أصل القنوت في اللغة هو الدوام على الشيء ، ولذلك قال الطبرسي في «مجمع البيان» ان الأصل في القنوت الدوام على أمر واحد ، فالمداوم على الطاعة قانت ، والمداوم على صلاته قانت ، والمداوم على الدعاء قانت. ومن أطال القيام أو القراءة أو السكوت قانت.
وقد تعرض بعض المفسرين لمعنى قوله تعالى : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) فذكر أن في القنوت معنى المداومة على الضراعة والخشوع ، أي قوموا ملتزمين لخشية الله تعالى ، واستشعار هيبته وعظمته ، ولا تكمل الصلاة وتكون حقيقية ينشأ عنها ما ذكر الله من فائدتها الا بهذا ،
__________________
(١) سورة النساء ، الآية ٣٤.
(٢) سورة البقرة ، الآية ٢٣٨.