وهو يتوقف على التفرغ من كل فكر وعمل يشغل عن حضور القلب في الصلاة ، وخشوعه لما فيها من ذكر الله بقدر الطاقة.
والقرآن الكريم يتحدث عن المتقين الفائزين عند ربهم ، فيجعل القنوت ـ بمعنى الدوام على الطاعة والعبادة ، والقيام بالواجبات ـ صفة بارزة من صفاتهم ، وفضيلة كريمة من فضائلهم ، فيقول في سورة آل عمران : (قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد ، الذين يقولون ربنا اننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار ، الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالاسحار) (١).
وكأن القرآن يشير الى أن فضيلة القنوت تنشأ عن العلم السليم القويم ، لان من حصل العلم النقي الصافي ازداد لله خشية وتقوى ، فنجد القرآن يقول في سورة الزمر : (أمّن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الاخرة ويرجو رحمة ربه ، قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون انما يتذكر أولوا الالباب) (٢).
ويعود القرآن الكريم ليتحدث عن القنوت ـ بمعنى الخضوع والخشوع ـ فيذكر أنه صيغة عامة لخلق الله جل جلاله ، فكل من في السموات والأرض خاضع لجلال ربه ، ولذلك يقول في القرآن في سورة البقرة : (وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والارض كل له قانتون) (٣). ويقول في سورة الروم : (وله من في السماوات والارض كل له قانتون) (٤). أي مقرون بعبوديتهم له ،
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآيات ١٥ و ١٧.
(٢) سورة الزمر ، الآية ٩.
(٣) سورة البقرة ، الآية ١١٦.
(٤) سورة الروم ، الآية ٢٦.