وهذا هو نوح عليهالسلام ، يقول عنه القرآن المجيد في سورة يونس : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ : يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللهِ فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ). أي ان كانت قد كبرت عليكم دعوتي وتذكيري لكم بربكم ، وأردتم الاعتداء عليّ ، أو معارضتي ، فانني قد فوضت أمري الى الله جل جلاله ، فهو الذي بعثني اليكم ، وكلفني دعوتكم ، وأنا أعتمد عليه وحده ، بعد أن بذلت جهدي في نصحكم ودعوتكم.
وهذا هو «هود» عليهالسلام ، يقول كما جاء في سورة هود : (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
وهذا هو صالح عليهالسلام يقول كما جاء في سورة هود : (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ، وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ).
وهذه هي طائفة من الرسل يتحدث عنها القرآن المجيد في سورة ابراهيم فيقول : (قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ : إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ، وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ، وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ ، وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ، وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا ، وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا ، وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ).
ان هذا الاستعراض العاجل السريع يؤكد لنا أن فضيلة التوكل احدى الفضائل المشتركة التي ازدان بها رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، ولا عجب فالله جل جلاله هو ناصر المتوكلين ومؤيدهم ، وهو سبحانه القائل في سورة الطلاق : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ، إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً). ويقول في سورة الأنفال :