المثوبة إلى سبع مئة ضعف ، ثم يضاعف لمن يشاء ، وهذا أزيد مما يقتضيه العدل. وفي المورد الذي نحن فيه ، مذ جاء الجزاء وفق مقتضيات التفضل ، الذي لا حدود للعطاء فيه ، ولأجل ذلك نكّرت كلمة جنة ، وكلمة حرير .. لإفادة أن ما يعطيهم الله إياه يفوق حدود التصور ، كما ألمحنا إليه آنفا في قوله تعالى : (وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً).
جزى هي الأوفق بالمقاصد الإلهية :
ثم إن من الواضح : أن كلمة جزى ، تعني إعطاء البدل والمكافأة من طرف واحد ، ولا يلحظ فيها إلا ما يفعله من يريد إعطاء الجزاء.
أما كلمة جازى ، فهي على وزان فاعل ، التي تستعمل عادة للدلالة على وجود فعل من الطرفين ، بصورة متكافئة ومتوازنة ، فهي مثل قاتل ، ولاعب ..
فالجزاء الإلهي إذا كان على سبيل المثوبة ، فإنه لا يلحظ فيه الفعل إلا في طرف واحد ، وهو الله سبحانه .. ولا يلحظ فيه التعادل والتوازن بين ما يعطيه الله سبحانه ، وما يقدمه العبد من عمل ، إذ لا مجال للموازنة بين العطاء الإلهي ، وبين الطاعات الصادرة عن العبد .. وإن كان فعل العبد له دور التسبيب للفيض وللعطاء الإلهي. لكن لا يلحظ فيه أزيد من ذلك .. فيعطي الله مقابل الحسنة عشر أمثالها ، إلى سبعماية ضعف ، ثم إن الله يضاعف لمن يشاء ..
وإنما قلنا : إنه لا مجال للمقابلة ، بسبب الطاعات أيضا ، لأنه إنما يقدر العبد عليها ، ويأتي بها بواسطة قدرات أخرى أنعم الله بها عليه ، وهي لا يمكن إحصاؤها ، ولا شكرها.
أما إذا كان على سبيل العقوبة .. فإن الله سبحانه .. وإن كان قد أوعد