بالنار اللّينة عن النسبة الفاضلة أولا ، ثم أهبط إلى السفل ، فجعل ذلك مثل الماء بالرفق ، في الحل مثل ما كان أول مرة ، ثم أجمد ، ثم رقي بألطف تدبير من الأول ، وقدر على علوه أحسن تقدير ، على النسبة الفاضلة ، والقسمة المعتدلة ، والمعرفة الكاملة ، ثم أهبط ، ثم أعيد إلى حالته الأولى بالحل ، يفعل به كذلك ما دامت الشمس في سعادتها وحسن مساعدتها ، فإن بلغ به التدبير إلى نهاية وتمام غاية كان شمسا طالعة ساطعة أنوارها ، ونعمة سابغة ، وبركة نافعة ، يدب نورها في الأجساد ، إذا أشرقت على الكواكب سرى نورها فيها (١) وصبغتها فجعلتها شموسا طالعة ، وأنوارا ساطعة.
فهذا فصل عن الصادق الأمين (٢) أوضح ما شرحناه في أول الكلام وبيناه ، وهو أيضا ينتظم الصعود إلى المعاد.
وقال أيضا : وإن قصد التدبير بفساد التقدير عن درجة الأول بدرجة كان دون الغاية ، لأنّه لم يبلغ النهاية ، فيكون ما يتولد عنه ويبدو منه ، إذا كان القمر امتلأ نوره ، وسعادته في ظهوره ، نتيجة ذلك التدبير قمرا (٣) تستمد الكواكب من نوره ، ويسري فيها وينزل بها. وإذا نزل بها ، صارت هي كهو في المثال ، فهذا قوله.
ونقول : إن شرف تلك الأجسام الجوهرية المضيئة على سائر أجسام أهل الجزائر ، وكذلك نفوسهم أشرف من نفوس أهل المغارات التي في الجزائر ، على اختلاف الألوان والأشكال والطباع. فنفوس هؤلاء الفضلاء من أزكى النفوس وأجلها وألطفها. وهي من غير من امتزج بالماء والطين (٤) وممّا لم
__________________
(١) فيها : سقطت في ج وط.
(٢) يعني الإمام الوفي أحمد صاحب رسائل إخوان الصفاء.
(٣) يرمز هنا إلى الشخص الفاضل الإمام الهادي صاحب الدعوة.
(٤) والطين : سقطت في ج.