وتفاقم الأمر في الفلاسفة والقرامطة والرافضة فإنهم فسروا القرآن بأشياء غريبة كقول الرافضة في (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) [المسد : ١] : هما أبو بكر وعمر ، و (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ (٥٥)) [التوبة : ٥٥] : هو علي ، ويذكرون في ذلك الحديث الموضوع بإجماع أهل اعلم ، وهو تصدقه بخاتمه في الصلاة.
ومما يقارب هذه الوجوه ، ما يذكره كثير من المفسرين في مثل : (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ (١٧)) [آل عمران : ١٧].
الصابرين : رسول الله صلىاللهعليهوسلم. الصادقين : أبو بكر ، القانتين : عمر. المنفقين : عثمان. المستغفرين : علي.
وفي مثل : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ) أبو بكر (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) عمر (رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) عثمان (تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً) [الفتح : ٢٩] علي!؟
وأمثال ذلك من الخرافات التي تارة تتضمن تفسير اللفظ بما لا تدل عليه بحال ، والصواب أن ما تقدم هي عدة صفات لموصوف واحد عام في كل مؤمن ومن البدع جعلهم اللفظ المطلق العام مختصا في شخص واحد. مثل : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) [المائدة : ٥٥] هو علي ، ومثل : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) [الزمر : ٣٣] ، أبو بكر ، ومثل : (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ) [الحديد : ١٠] أبو بكر ، ونحو ذلك. «وتفسير ابن عطية» وأمثاله ، أتبع للسنة من تفسير «الكشاف» وأسلم من البدعة ، وتفسير الطبري من أجل التفاسير وأعظمها قدرا.
وأما الذين يخطئون في الدليل لا في المدلول : فالصوفية مثلا والوعاظ والفقهاء ، فقد يفسّرون القرآن بمعان صحيحة لكن القرآن لا يدل عليها ، وذلك كالذي يذكره أبو عبد الرحمن السلمي في «حقائق التفسير».
ث ـ تفسير القرآن بأقوال الصحابة
وذلك إذا لم تجد التفسير لآية في القرآن ولا في السنة رجعت إلى أقوال الصحابة فإنهم أدرى لما شاهدوه ، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح ، كالخلفاء الأربعة وابن مسعود ، وابن عباس. لذا فغالب ما يرويه إسماعيل السدي الكبير في «تفسيره» إنما عن ابن مسعود وابن عباس ، ولكن ينقل عنهم ما يحكونه عن أهل الكتاب أحيانا ، وقد أباح ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» (هو بعض حديث أخرجه البخاري وأحمد والدارمي والترمذي ، ولهذا كان عبد الله بن عمرو ، قد أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب فكان يحدث منهما أحيانا.
ج ـ والإسرائيليات ثلاث أقسام
أحدها : ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق ، فهذا صحيح.
الثاني : ما علمنا كذبه لكونه خالف ما عندنا.
الثالث : مسكوت عنه ، فلا نكذبه ولا نصدقه ، وتجوز حكايته لما تقدم وغالب ذلك لا فائدة فيه تعود على الدين.
ولذا يختلف علماء أهل الكتاب فيظهر هذا أثناء النقل عنهم مثل : أسماء أصحاب الكهف ، ولون