فمن ذلك :
ـ قوله عند الآية (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا) [البقرة : ٣٤].
فقال : «... اسجدوا» : فيه قولان الأصح أن السجود كان لآدم على الحقيقة ، وتضمن معنى الطاعة لله عزوجل امتثال أمره ، وكان ذلك سجود تعظيم وتحية لا سجود عبادة ...
ـ وقيل : لآدم : أي إلى آدم ، فكان آدم قبلة ، والسجود لله تعالى ...
ـ ومن ذلك قوله عند الآية (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ ...) [آل عمران : ٧].
ـ فقال : اختلف العلماء في نظم هذه الآية ، فقال قوم ـ الواو في قوله (والراسخون) واو العطف ، يعني أن تأويل المتشابه يعلمه الله ويعلمه الراسخون في العلم ، وهم مع علمهم يقولون آمنا به ، وهذا قول مجاهد والربيع ...
وذهب الأكثرون إلى أن الواو ، واو الاستئناف ، وتم الكلام عند قوله (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ ...).
ـ قال : وهذا القول أقيس في العربية ، وأشبه بظاهر الآية.
ـ وقال عند الآية (قالَ اللهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ ...) [المائدة : ١١٥] واختلف العلماء : هل نزلت أم لا؟ فقال مجاهد والحسن : لم تنزل ، فإن الله عزوجل لما أوعدهم على كفرهم بعد نزول المائدة خافوا أن يكفر بعضهم فاستعفوا ، وقالوا : لا نريدها ، فلم تنزل.
قال : والصحيح الذي عليه الأكثرون أنها نزلت لقوله تعالى (إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ ...) ولا خلف في خبره ...
٨ ـ الإمام البغوي والإسرائيليات :
ـ لم يكثر الإمام البغوي من ذكر الإسرائيليات ، ومن الأخبار التي أوردها ، وهي من أخبار الأقدمين :
ـ ما ذكره في شأن آدم وحواء ونزولهما من الجنة ، وذلك عند قوله تعالى : (وَقُلْنَا اهْبِطُوا) [البقرة : ٣٦] فقد ذكر أخبارا مختصرة عن أئمة التفسير ، ولم يذكر قصصا مطولة كغيره من المفسرين.
ـ في حين ذكر خبرا مطولا عند قوله تعالى : (وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ) [البقرة : ٥٠]. ومصدره كتب الأقدمين ، وفيه مبالغات ومجازفات ظاهرة.
ـ وكذا قصة هاروت وماروت في سورة البقرة ، آية : ١٠٢.
ـ ومن ذلك ما ذكره عند قوله تعالى : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ) [البقرة : ١٢٧].
ـ ومن ذلك ما ذكره عند الآية (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ ...) [البقرة : ٢٤٣] حيث نقل عن الكلبي ومقاتل وغيرهما ممن يروي عن أهل الكتاب.
ـ وكذا عند الآية (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ ...) [البقرة : ٢٤٦].
ـ وذكر خبرا مطولا في شأن قتل داود لجالوت عند الآية (وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ ...) [البقرة : ٢٥١].