(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٥٤) اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٢٥٥))
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ) ، قال السدي : أراد به الزكاة المفروضة ، وقال غيره : أراد به صدقة التطوّع والنفقة في الخير ، (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ) ، أي : لا فداء فيه ، سمّاه (١) بيعا لأن الفداء شراء نفسه ، (وَلا خُلَّةٌ) ، ولا صداقة (وَلا شَفاعَةٌ) ، إلا بإذن الله ، قرأ ابن كثير وأهل البصرة كلها بالنصب ، وكذلك في سورة إبراهيم : (لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ) [إبراهيم : ٣١] ، وفي سورة الطور : (لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ) [الطور : ٢٣] ، وقرأ الباقون كلها بالرفع والتنوين ، (وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) ، لأنهم وضعوا العبادة في غير موضعها.
قوله عزوجل : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) ،
[٢٩٢] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أبو منصور محمد بن [محمد بن](٢) سمعان أخبرنا
__________________
[٢٩٢] ـ صدره صحيح ، وأما عجزه ، وهو «والذي نفس محمد ...» فضعيف شاذ. إسناده على شرط مسلم ، لكن الجريري ، اختلط بأخرة ، وقد اضطرب الرواة ، فرواه بعضهم بهذا اللفظ عنه ، ورواه آخرون بدون عجزه ، وهو الذي اختاره الإمام مسلم ، ابن أبي شيبة هو أبو بكر عبد لله بن محمد ، وعبد الأعلى هو ابن عبد الأعلى السّامي ، الجريري هو سعيد بن إياس ، أبو السّليل هو ضريب بن نقير.
ـ وهو في شرح السنة ١١٨٩ بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البيهقي في «الشعب» ٢٣٨٧ من طريق ابن أبي شيبة بهذا الإسناد بلفظ المصنف.
ـ وأخرجه مسلم ٨١٠ من طريق ابن أبي شيبة بهذا الإسناد بدون عجز الحديث «والذي نفس محمد بيده إن لهذه الآية لسانا ...». وهذا هو الصحيح.
ـ وأخرجه أبو داود ١٤٦٠ من طريق عبد الأعلى به دون عجزه.
ـ وأخرجه الحاكم (٣ / ٣٠٤) من طريق يزيد بن هارون عن سعيد بن إياس به دون عجزه ، وصححه وقال : ولم يخرجاه! ووافقه الذهبي!؟
ـ وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» ٦٠٠١ عن الثوري عن سعيد الجريري به. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد (٥ / ١٤١ ـ ١٤٢) (٢٠٧٧١) وابن الضريس في «فضائل القرآن» ١٨٦ والبيهقي في «الشعب» ٢٣٨٦ بلفظ المصنف.
وقال عبد الله بن أحمد : وهذا لفظ حديث أبي عن عبد الرزاق ا ه.
ـ وأخرجه أبو داود ٤٠٠٣ من حديث واثلة بن الأسقع بدون هذه الزيادة في عجزه ، لكن إسناده ضعيف لجهالة مولى بن الأسقع.
والظاهر أن هذه الزيادة «والذي نفس محمد بيده إن لهذه الآية لسانا ...» لا تصح بل هي منكرة ، ولعل الوهم فيه من الجريري ، فهو وإن كان ثقة روى له الجماعة ، لكنه اختلط بأخرة ، وقد رواه مسلم من طريقه بدون تلك الزيادة.
وبهذا يتبين أن الذي رواه بدون تلك الزيادة إنما سمعه منه قبل الاختلاط ، ومن رواه بتلك الزيادة ، فقد سمعه منه بعد الاختلاط ، وهي زيادة غريبة ، لا يتابع عليها ، والله تعالى أعلم بالصواب.
وانظر «تفسير ابن كثير» عند هذه الآية بتخريجي ، والله الموافق.
__________________
(١) في المطبوع وحده «سمي».
(٢) زيادة عن المخطوط و «شرح السنة».