المقدمة
بسم الله الرّحمن الرّحيم
[قال الشيخ الإمام الأجلّ (١) السيد محيي (٢) السنة ، ناصر الحديث ، مفتي الشرق والغرب ، أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي (٣) رضي الله عنه وعن والديه](١) :
الحمد لله ذي العظمة والكبرياء والعزّة والبقاء والرفعة والعلاء والمجد والثناء ، تعالى عن الأنداد والشركاء ، وتقدّس عن الأمثال والنظراء ، والصّلاة والسّلام على نبيّه وحبيبه وصفيّه محمد خاتم الأنبياء ، وإمام الأتقياء عدد ذرّات الثرى ونجوم السماء.
والحمد لله الملك السلام المؤمن المهيمن العلام ، شارع الأحكام ذي الجلال والإكرام ، الذي أكرمنا بدين الإسلام ، ومنّ علينا بنبيّنا محمد عليه التحيّة والسلام ، وأنعم علينا بكتابه المفرّق بين الحلال والحرام ، والصّلاة والسّلام على حبيبه وخيرته من خلقه محمد سيّد الأنام ، عدد ساعات الليالي والأيام وعلى آله وأصحابه ، عدد نجوم الظلام وعلى جميع الأنبياء والملائكة البررة الكرام.
أما بعد ، فإنّ الله جلّ ذكره أرسل رسوله بالهدى ودين الحق رحمة للعالمين ، وبشيرا للمؤمنين ، ونذيرا للمخالفين ، أكمل به بنيان النبوة ، وختم به ديوان الرسالة ، وأتمّ به مكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال ، وأنزل عليه بفضله نورا هدى به من الضلالة وأنقذ به من الجهالة ، حكم بالفلاح لمن تبعه ، وبالخسران لمن أعرض عنه بعد ما سمعه ، وأعجز الخليقة عن معارضته ، وعن الإتيان بسورة من مثله في مقابلته ، ثم سهل على الخلق مع إعجازه تلاوته ويسر على الألسن قراءته ، أمر فيه وزجر وبشّر وأنذر وذكر المواعظ ليتذكّر ، وقصّ عن أحوال الماضين ليعتبر ، وضرب فيه الأمثال ليتدبر ، ودلّ على آيات التوحيد ليتفكر ، ولا حصول لهذه المقاصد إلا بدراية تفسيره وإعلامه ، ومعرفة أسباب نزوله وأحكامه والوقوف على ناسخه ومنسوخه ، ومعرفة خاصّه وعامّه ، ثم هو كلام معجز وبحر عميق لا نهاية لأسرار علومه ، ولا إدراك لحقائق معانيه ، وقد ألّف أئمّة السلف في أنواع علومه كتبا كلّ على قدر فهمه ومبلغ علمه نظرا
__________________
(١) الظاهر أن لفظ «الإمام الأجل السيد ، محيي السنة ، ناصر الحديث ، مفتي الشرق والغرب» من كلام الراوي لهذا التفسير عن الإمام البغوي ، أو هو من زيادات النساخ ، فإن علماء الإسلام ، لا يذكرون مثل هذه الألفاظ في معرض ذكرهم لأنفسهم ، والله أعلم.
(٢) في الأصل «محي» والتصويب عن باقي النسخ.
(٣) قال العلامة ياقوت الحموي في «معجم البلدان» (٤٦٧ ـ ٤٦٨) : بغشور : بضم الشين المعجمة ، وسكون الواو ، وراء : بليدة بين هراة ومروالرّوذ. ويقال لها «بغ» أيضا ، وقد نسب إليها خلق كثير من العلماء والأعيان ، ومنهم الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود الفرّاء البغوي الفقيه صاحب التصانيف التي منها ، «التهذيب» في الفقه على مذهب الشافعي ، و «شرح السنة» و «تفسير القرآن» وكان يلقّب محيي السنة ، ولد سنة ٤٣٣ وتوفي سنة ٥١٦ ا ه باختصار.
__________________
(١) ما بين المعقوفتين ليس في المخطوط ـ أ.