عَلَيْكُمْ رَقِيباً) ، أي : حافظا.
(وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً (٢) وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلاَّ تَعُولُوا (٣) وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (٤))
قوله تعالى : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ).
ع [٥١٨] قال مقاتل والكلبي : نزلت في رجل من غطفان كان معه مال كثير لابن أخ [له] يتيم ، فلمّا بلغ اليتيم طلب المال فمنعه عمه فترافعا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فنزلت هذه الآية ، فلما سمعها (١) العمّ قال : أطعنا الله وأطعنا الرسول نعوذ بالله من الحوب الكبير ، فدفع إليه ماله فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «من يوق شحّ نفسه ويطع ربّه هكذا فإنه يحلّ داره».
يعني : جنته ، فلما قبض الفتى ماله أنفقه في سبيل الله ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ثبت الأجر وبقي الوزر» [فقالوا : كيف بقي الوزر؟ فقال : «ثبت الأجر للغلام وبقي الوزر](٢) على والده».
وقوله : (وَآتُوا) خطاب للأولياء والأوصياء ، واليتامى : جمع يتيم ، واليتيم : اسم لصغير لا أب له ولا جد ، وإنما يدفع المال إليهم بعد البلوغ ، وسماهم يتامى هاهنا على معنى أنهم كانوا يتامى ، (وَلا تَتَبَدَّلُوا) ، [أي](٣) : لا تستبدلوا ، (الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ) ، أي : مالهم الذي هو حرام عليكم بالحلال من أموالكم ، واختلفوا في هذا التبديل ، قال سعيد بن المسيب والنخعي والزهري والسدي : كان أولياء اليتامى يأخذون الجيد من مال اليتيم ويجعلونه مكانه الرديء ، فربّما كان أحدهم (٤) يأخذ الشاة السمينة من مال اليتيم ويجعل مكانها المهزولة ، ويأخذ الدرهم الجيد ويجعل مكانه الزيف ، ويقول : درهم بدرهم ، فنهوا عن ذلك ، وقيل : كان أهل الجاهلية لا يورّثون النساء والصبيان ويأخذ الأكبر الميراث ، فنصيبه من الميراث طيّب ، وهذا الذي يأخذه من نصيب غيره خبيث ، وقال مجاهد : لا تتعجل الرزق الحرام قبل أن يأتيك الحلال. (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) ، أي : مع أموالكم ، كقوله تعالى : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) [آل عمران : ٥٢] أي : مع الله ، (إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً) ، [أي] : إثما عظيما.
وقوله تعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) ، اختلفوا في تأويلها (٥) ، فقال بعضهم : معناه إن خفتم يا أولياء اليتامى أن لا تعدلوا فيهنّ إذا نكحتموهنّ فانكحوا غيرهنّ من الغرائب مثنى وثلاث ورباع.
__________________
ع [٥١٨] ـ ضعيف جدا ، عزاه المصنف لمقاتل والكلبي ، وإسناده إليهما مذكور أول الكتاب. وذكره الواحدي في «أسباب النزول» (٢٩١) بدون إسناد عن مقاتل والكلبي ، وعزاه ابن حجر في «تخريج الكشاف» (١٩٩٩) للثعلبي ، وقال : وسنده إليهما مذكور أول الكتاب ـ أي كتاب الثعلبي ـ وسكت الحافظ عليه ، وهو معضل ، والكلبي متروك متهم ، وكذا مقاتل.
__________________
(١) في المطبوع وحده «سمع».
(٢) سقط من المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) في المطبوع «أحد».
(٥) في المطبوع «تأويلهم».