[٥١٩] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا أبو اليمان أنا شعيب عن الزهري قال : كان عروة بن الزبير يحدث أنه سأل عائشة رضي الله عنها [عن قوله](١) : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) قالت : هي اليتيمة تكون في حجر وليها فيرغب في جمالها ومالها ويريد أن يتزوجها بأدنى من سنة نسائها ، فنهوا عن نكاحهنّ إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق ، وأمروا بنكاح من سواهنّ من النساء ، قالت عائشة رضي الله عنها : ثم استفتى الناس رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأنزل الله تعالى : (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَ) إلى قوله تعالى : (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) [النساء : ١٢٧].
فبيّن الله تعالى في هذه الآية أن اليتيمة إذا كانت ذات جمال أو مال ، رغبوا في نكاحها ولم يلحقوها بسنتها (٢) بإكمال الصداق ، وإذا كانت مرغوبة عنها في قلة المال والجمال تركوها والتمسوا غيرها من النساء ، قال : فكما يتركونها حين يرغبون عنها فليس لهم أن ينكحوها إذا رغبوا فيها إلا أن يقسطوا لها الأوفى من الصداق ويعطوها حقّها.
قال الحسن : كان الرجل من أهل الجاهلية (٣) يكون عنده الأيتام وفيهن من يحل له نكاحها فيتزوجها لأجل مالها وهي لا تعجبه كراهية أن يدخل غريب فيشاركه في مالها ، ثم يسيء صحبتها ويتربص أن تموت ويرثها ، فعاب الله تعالى ذلك ، وأنزل الله هذه الآية.
وقال عكرمة : كان الرجل من قريش يتزوج العشر من النساء والأكثر فإذا صار معدما من مؤن نسائه مال إلى مال [يتيمه الذي](٤) في حجره فأنفقه ، فقيل لهم : لا تزيدوا على أربع حتى لا يحوجكم إلى أخذ أموال اليتامى ، وهذه رواية طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وقال بعضهم : كانوا يتحرجون عن أموال اليتامى ويترخصون في النساء ، فيتزوجون ما شاءوا وربما عدلوا وربما لم يعدلوا ، فلما أنزل الله تعالى في أموال اليتامى (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) أنزل هذه الآية (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) ، يقول كما خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فكذلك خافوا في النساء أن لا تعدلوا فيهنّ فلا تتزوجوا أكثر مما يمكنكم القيام بحقهن (٥) ، لأن النساء في الضعف كاليتامى ، وهذا قول سعيد بن جبير وقتادة والضحاك والسدي ، ثم رخّص في نكاح أربع فقال : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً) ، وقال مجاهد : معناه إن تحرجتم من ولاية اليتامى وأموالهم إيمانا فكذلك تحرجوا من الزنا فانكحوا النساء الحلال نكاحا طيبا ثم بين لهم عددا ، وكانوا يتزوجون ما شاءوا من غير عدد ، فنزل قوله تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) أي : من طاب كقوله تعالى : (وَالسَّماءِ وَما بَناها (٥)) [الشمس : ٥] ،
__________________
[٥١٩] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم ، أبو اليمان هو الحكم بن نافع ، شعيب هو ابن دينار.
ـ أخرجه المصنف من طريق البخاري ، وهو في «صحيحه» (٢٧٦٣) عن أبي اليمان بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البخاري ٢٤٩٤ و ٤٥٧٣ و ٤٥٧٤ و ٤٦٠٠ و ٥٠٦٤ و ٥٠٩٢ و ٥٠٩٨ و ٥١٢٨ و ٥١٣١ و ٥١٤٠ و ٦٩٦٥ ومسلم ٣٠١٨ والنسائي في «التفسير» (١١٠) والطبري ٨٤٥٩ والواحدي في «أسباب النزول» (٢٩٢) من طرق عن هشام بن عروة به.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) تصحف في المخطوط «بنسبها».
(٣) في المخطوط «المدينة».
(٤) في المطبوع «يتيمته التي» والمثبت عن المخطوط والطبري.
(٥) في المطبوع وحده «بحقوقهن».