وقوله تعالى : (قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ (٢٣)) [الشعراء : ٢٣] والعرب تضع «من» و «ما» كل واحدة موضع الأخرى ، كقوله تعالى : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ) [النور : ٤٥] ، وطاب أي : حلّ لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ، معدولات عن اثنين وثلاث وأربع ، ولذلك لا يصرفن ، والواو بمعنى أو ، للتخيير ، كقوله تعالى : (أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى) [سبأ : ٤٦] وقوله تعالى : (أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) [فاطر : ١] وهذا إجماع أن أحدا من الأمة لا يجوز له أن يزيد على أربع نسوة ، وكانت الزيادة من خصائص النبي صلىاللهعليهوسلم لا مشاركة معه لأحد من الأمة فيها.
ع [٥٢٠] وروي أن قيس بن الحارث كان تحته ثمان نسوة فلما نزلت هذه الآية قال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «طلق أربعا وأمسك أربعا» فجعل يقول للمرأة التي لم تلد [منه](١) يا فلانة أدبري وللتي قد ولدت يا فلانة أقبلي.
ع [٥٢١] وروي أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وعنده عشر نسوة فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم : «أمسك أربعا وفارق سائرهن».
وإذا جمع الحرّ بين أربع نسوة حرائر فإنه يجوز ، فأمّا العبد فلا يجوز له أن ينكح أكثر من امرأتين عند أكثر أهل العلم لما :
[٥٢٢] أخبرنا عبد الوهّاب بن محمد (٢) الخطيب أنا عبد العزيز [بن](٣) أحمد الخلال أنا أبو العباس الأصم أنا الربيع أنا الشافعي أنا سفيان عن محمد بن عبد الرحمن مولى أبي طلحة عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عتبة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : ينكح العبد امرأتين ، ويطلق تطليقتين (٤) وتعتد الأمة بحيضتين ، فإن لم تكن تحيض فبشهرين أو شهر ونصف. وقال ربيعة : يجوز للعبد أن ينكح أربع نسوة كالحر.
__________________
ع [٥٢٠] ـ أخرجه أبو داود ٢٢٤١ و ٢٢٤٢ وابن ماجه ١٩٥٢ والبيهقي ٧ / ١٨٣ من حديث الحارث بن قيس.
وفيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وهو صدوق لكنه سيئ الحفظ إلا أن للحديث شواهد يحسن بها إن شاء الله.
وحسنه ابن كثير في «التفسير» (١ / ٤٦١). وانظر تفسير الشوكاني ٥٩٦ بتخريجي.
ع [٥٢١] ـ جيد. أخرجه الترمذي ١١٢٨ وابن ماجه ١٩٥٣ والدارقطني ٣ / ٢٦٩ والشافعي ٢ / ١٦ وابن أبي شيبة ٤ / ٣١٧ وأحمد ٢ / ١٤ و ٤٤ و ٨٣ والحاكم ٢ / ١٩٢ ـ ١٩٣ والبيهقي ٧ / ١٤٩ و ١٨١ والبغوي ٢٢٨١ من طرق عن معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر أن غيلان بن سلمة .... وهذا إسناد على شرطهما ، لكن أعله البخاري كما نقل الترمذي ، ومع ذلك هو حديث قوي بشواهده.
وجاء في «تلخيص الحبير» (٣ / ١٦٨) ما ملخصه : صوّب البخاري ومسلم فيه الإرسال ، وقال ابن عبد البر : طرقه كلها معلولة. قال ابن حجر : لكن رواه النسائي والدارقطني من طريق غير طريق الزهري ، ورجاله ثقات ، وقد استدل القطان بهذه الطريق على صحة الحديث ا ه.
وله شاهد قد تقدم ـ وأما المرسل فقد أخرجه مالك ٢ / ٥٨٢ وعبد الرزاق ١٢٦٢١ ، وانظر «تفسير الشوكاني» (٥٩٥).
[٥٢٢] ـ موقوف صحيح. إسناده صحيح ، الشافعي فمن دونه ثقات ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم خلا محمد بن عبد الرحمن ، فإنه من رجال مسلم ، سفيان هو ابن عيينة ، عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي. ابن أخي عبد الله بن مسعود. وهو صحابي صغير ، وهذا الوارد عن عمر ، عليه جمهور الفقهاء.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) تصحف في المطبوع «أحمد».
(٣) سقط من المطبوع.
(٤) في المطبوع «طلقتين».