(فَإِنْ خِفْتُمْ) ، خشيتم ، وقيل : علمتم ، (أَلَّا تَعْدِلُوا) ، بين الأزواج الأربع ، (فَواحِدَةً) أي : فانكحوا واحدة. وقرأ أبو جعفر (فَواحِدَةً) بالرفع ، (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) ، يعني : السراري لأنه لا يلزم فيهن من الحقوق ما يلزم في الحرائر ، ولا قسم لهنّ ولا وقف في عددهن ، وذكر الأيمان بيان تقديره : أو ما ملكتم ، وقال بعض أهل المعاني : أو ما ملكت أيمانكم ، أي : ما ينفذ فيه أقسامكم ، جعله من يمين الحلف ، لا يمين الجارحة ، (ذلِكَ أَدْنى) ، أقرب ، (أَلَّا تَعْدِلُوا) أي : لا تجوروا ولا تميلوا ، يقال : ميزان عائل ، أي : جائر مائل ، هذا قول أكثر المفسرين ، وقال مجاهد : أن لا تضلوا ، وقال الفراء : أن لا تجاوزوا ما فرض الله عليكم ، وأصل العول : المجاوزة ، ومنه عول الفرائض ، وقال الشافعي رحمهالله : أن لا تكثر عيالكم ، وما قاله أحد ، إنما يقال : [من كثرة العيال](١) أعال يعيل إعالة إذا كثر عياله. وقال أبو حاتم : كان الشافعي رضي الله عنه أعلم بلسان العرب منّا [فله بلغة ، ويقال : هي](٢) لغة حمير ، وقرأ طلحة بن مصرّف أن لا تعيلوا وهي حجة لقول الشافعي رضوان الله عليه.
(وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (٤))
(وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) ، قال الكلبي ومجاهد (٣) : هذا الخطاب للأولياء ، وذلك أنّ وليّ المرأة كان إذا زوجها فإن كانت معهم في العشيرة لم يعطها من مهرها قليلا ولا كثيرا ، وإن كان زوجها غريبا حملوها إليه على بعير ولم يعطوها من مهرها غير ذلك ، فنهاهم عن ذلك وأمرهم أن يدفعوا الحق إلى أهله [و] قال الحضرمي : وكان أولياء النساء يعطي هذا أخته على أن يعطيه الآخر أخته ، ولا مهر بينهما ، فنهوا عن ذلك وأمروا بتسمية المهر في العقد.
[٥٢٣] أخبرنا أبو الحسن السرخسي أنا زاهر بن أحمد أنا أبو إسحاق الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك عن (١) نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم نهى عن الشّغار ، والشغار : أن يزوّج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته ، وليس بينهما صداق.
وقال آخرون (٤) : الخطاب للأزواج أمروا بإيتاء نسائهم الصداق ، وهذا أصح ، لأن الخطاب فيما قبل (٥) مع الناكحين ، والصّدقات : المهور ، واحدها صدقة ، (نِحْلَةً) قال قتادة : فريضة ، وقال ابن
__________________
(١) في الأصل «بن» والتصويب عن «ط» وعن «شرح السنة» وعن «كتب التخريج».
[٥٢٣] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم ، نافع هو مولى ابن عمر.
ـ وهو في «شرح السنة» (٢٢٨٤) بهذا الإسناد.
ـ رواه المصنف من طريق مالك ، وهو في «الموطأ» (٢ / ٥٣٥) ومن طريق مالك أخرجه البخاري ٥١١٢ ومسلم ١٤١٥ ح ٥٧ والترمذي ١١٢٤ وأبو داود ٢٠٧٤ والنسائي ٦ / ١١٢ وابن حبان ٤١٥٢ والدارمي ٢ / ١٣٦ والبيهقي ٧ / ١٩٩.
ـ أخرجه البخاري ٦٩٦٠ ومسلم ١٤١٥ ح ٥٨ وأبو داود ٢٠٧٤ والنسائي ٦ / ١١٠ والبيهقي ٧ / ١٩٩ ـ ٢٠٠ من طرق عن عبيد الله ، عن نافع به.
ـ أخرجه مسلم ١٤١٥ ح ٥٩ و ٦٠ من طريق نافع به.
ـ وورد من حديث أبي هريرة عند مسلم ١٤١٦ والنسائي ٦ / ١١٢ ومن حديث جابر عند مسلم ١٤١٧.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط و ـ ط.
(٢) ما بين المعقوفتين في المخطوط «لعله» وفي ـ ط «ولعله لغة ، ويقال هي».
(٣) في المخطوط وحده «وجماعة».
(٤) في المطبوع و ـ ط «الآخرون».
(٥) تصحف في المخطوط «قيل».