وقرأ أبو عمرو : «الرحيم ملك» بإدغام الميم في الميم ، وكذلك يدغم كل حرفين من جنس واحد أو مخرج واحد أو قريبي المخرج سواء كان الحرف ساكنا أو متحركا إلا أن يكون الحرف الأول مشددا أو منونا أو منقوصا أو [تاء الخطاب أو مفتوحا](١) قبله ساكن في (٢) غير المثلين فإنه لا يدغمها وإدغام المتحرك يكون في الإدغام الكبير ، وافقه حمزة في إدغام المتحرك في قوله (بَيَّتَ طائِفَةٌ) [النساء : ٨١](وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١) فَالزَّاجِراتِ زَجْراً (٢) فَالتَّالِياتِ ذِكْراً (٣)) [الصافات : ١. ٣] و (وَالذَّارِياتِ ذَرْواً) (١) [الذاريات : ١] ، وأدغم التاء فيما بعدها من الحروف وافقه حمزة برواية رجاء وخلف والكسائي [في إدغام الصغير ، وهو إدغام الساكن في المتحرك برواية جابر وخلف](٣) إلّا في الراء عند اللام والدال عند الجيم ، وكذلك لا يدغم حمزة الدال عند السين والصاد والزاي ، ولا إدغام لسائر القراء إلّا في أحرف معدودة.
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥))
قوله : (إِيَّاكَ) ، إيّا كلمة ضمير خصت بالإضافة إلى المضمر ، ويستعمل مقدما على الفعل ، فيقال : إياك أعني وإياك أسأل ، ولا يستعمل مؤخرا إلا منفصلا فيقال : ما عنيت إلّا إياك.
قوله : (نَعْبُدُ) أي : نوحدك ونطيعك خاضعين ، والعبادة الطاعة مع التذلل والخضوع وسمي العبد عبدا لذلته وانقياده يقال : طريق معبد أي : مذلل ، (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ، نطلب منك المعونة على عبادتك وعلى جميع أمورنا.
فإن قيل : لم قدّم ذكر العبادة على الاستعانة والاستعانة تكون قبل العبادة ، [قيل](٤) هذا (٥) يلزم من يجعل الاستطاعة قبل الفعل ، ونحن نحمد الله ونجعل التوفيق والاستطاعة (٦) مع الفعل ، فلا فرق بين التقديم والتأخير ، ويقال : الاستطاعة نوع تعبّد فكأنه ذكر جملة العبادة أوّلا ، ثم ذكر ما هو من تفاصيلها (٧).
(اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦))
قوله : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)) ، اهدنا : أرشدنا ، وقال (٨) أبيّ بن كعب : ثبتنا ، كما يقال للقائم : قم حتى أعود إليك ، أي : دم على ما أنت عليه ، وهذا الدعاء من المؤمنين مع كونهم على الهداية ، بمعنى التثبيت وبمعنى طلب مزيد الهداية ، لأن الإلطاف والهدايات من الله تعالى لا تتناهى على مذهب أهل السنة.
(الصِّراطَ) : و «السراط» (٩) قرئ بالسين رواه رويس (١) عن يعقوب وهو الأصل سمي سراطا لأنه يسرط السابلة ، ويقرأ بالزاي وقرأ حمزة بإشمام الزاي وكلها لغات صحيحة ، والاختيار الصاد عند أكثر القراء لموافقة المصحف.
__________________
(١) وقع في كافة النسخ «أويس» وهو تصحيف ، والتصويب عن «البدور الزاهرة» ص (٢)
__________________
(١) العبارة في المطبوع «مفتوحا أو تاء الخطاب».
(٢) في المطبوع «من».
(٣) سقط من المطبوع.
(٤) سقط من المطبوع.
(٥) في المطبوع «فلهذا».
(٦) في المطبوع «الاستعانة».
(٧) في المخطوط ـ أ ـ ب «فضائلها».
(٨) زيد في المطبوع «علي».
(٩) في المطبوع «وصراط».