وأحرى أن يأتي الوصيان بالشهادة على وجهها وسائر الناس أمثالهم ، أي : أقرب إلى الإتيان بالشهادة على ما كانت ، (أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ) ، أي : أقرب إلى أن يخافوا ردّ اليمين بعد يمينهم على المدّعين ، فيحلفوا على خيانتهم وكذبهم فيفتضحوا ويغرموا (١) ، فلا يحلفون كاذبين إذا خافوا هذا الحكم ، (وَاتَّقُوا اللهَ) ، أن تحلفوا أيمانا كاذبة وتخونوا الأمانة ، (وَاسْمَعُوا) ، الموعظة ، (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ).
(يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (١٠٩) إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (١١٠))
قوله عزوجل : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ) ، وهو يوم القيامة ، (فَيَقُولُ) ، لهم ، (ما ذا أُجِبْتُمْ) ، أي : ما الذي أجابتكم أمتكم؟ ما الذي ردّ عليكم قومكم حين دعوتموهم إلى توحيدي وطاعتي؟ (قالُوا) ، أي : فيقولون ، (لا عِلْمَ لَنا) ، قال ابن عباس معناه : لا علم لنا إلا العلم الذي أنت أعلم به منّا ، وقيل : لا علم لنا بوجه الحكمة عن سؤالك إيّانا عن أمر أنت أعلم به منّا ، وقال ابن جريج : لا علم لنا بعاقبة أمرهم وبما أحدثوا من بعد ، دليله أنه قال : (إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) ، أي : أنت الذي تعلم ما غاب ونحن لا نعلم إلا ما نشاهد.
[٨٥٣] أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا مسلم بن إبراهيم أنا وهيب أنا عبد العزيز عن أنس رضي الله عنه :
عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «ليردنّ عليّ ناس من أصحابي الحوض حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني ، فأقول : أصحابي ، فيقال : لا تدري ما أحدثوا بعدك».
وقال ابن عباس والحسن ومجاهد والسدي : إن للقيامة أهوالا وزلازل تزول فيها القلوب عن مواضعها ، فيفزعون (٢) من هول ذلك اليوم ويذهلون عن الجواب ، ثم بعد ما ثابت إليهم عقولهم يشهدون على أممهم.
__________________
[٨٥٣] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
وهيب هو ابن خالد ، وعبد العزيز هو ابن صهيب.
وهو في «صحيح البخاري» ٦٥٨٢ عن مسلم بن إبراهيم بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم ٢٣٠٤ وأحمد (٣ / ٢٨١) من طريق وهيب به.
وأخرجه مسلم ٤٠٠ و ٢٣٠٤ والنسائي (٢ / ١٣٣ ، ١٣٤) وأبو عوانة (٢ / ١٢١) وأحمد (٣ / ١٠٢) من طرق عن مختار بن فلفل عن أنس في أثناء حديث.
وأخرجه أبو يعلى ٣٩٤٢ وأحمد (٣ / ١٤٠) من طريق مبارك عن عبد العزيز به.
وفي الباب من حديث أبي هريرة عند مسلم ٢٤٩ والنسائي (١ / ٩٣ و ٩٥) ومالك (١ / ٢٨) وابن حبان ١٠٤٦ وابن خزيمة ٦ والبيهقي (١ / ٨٢ ، ٨٣) والبغوي ١٥١.
__________________
(١) في المخطوط ب ، «ويعزموا».
(٢) في المطبوع «فينزعون».