وآل فرعون ، واختلف العلماء في المائدة هل نزلت أم لا ، فقال مجاهد والحسن : لم تنزل فإن الله عزوجل لمّا أوعدهم على كفرهم بعد نزول المائدة خافوا أن يكفر بعضهم فاستعفوا ، وقالوا : لا نريدها ، فلم تنزل ، وقوله : (إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ) ، يعني : إن سألتم ، والصحيح الذي عليه الأكثرون أنها نزلت ؛ لقوله تعالى : (إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ) ، ولا خلف في خبره [و](١) لتواتر الأخبار فيه عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم والصحابة والتابعين ، واختلفوا في صفتها.
[٨٥٤] فروى خلاس بن عمرو عن عمار بن ياسر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنها نزلت خبزا ولحما ، وقيل لهم : إنها مقيمة لكم ما لم تخونوا وتخبئوا فما مضى يومهم (٢) حتى خانوا وخبئوا فمسخوا قردة وخنازير.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : إن عيسى عليهالسلام قال لهم : صوموا ثلاثين يوما ثم سلوا الله ما شئتم يعطكموه ، فصاموا فلما فرغوا قالوا : يا عيسى إنّا لو عملنا لأحد فقضينا عمله لأطعمنا وسألوا الله المائدة فأقبلت الملائكة بمائدة يحملونها ، عليها سبعة أرغفة وسبعة أحوات حتى وضعتها بين أيديهم ، فأكل منها آخر الناس كما أكل أولهم.
قال كعب الأحبار : نزلت مائدة منكوسة تطير بها الملائكة بين السماء والأرض ، عليها كل الطعام إلّا اللحم.
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس : أنزل على المائدة كل شيء إلّا الخبز واللحم.
قال قتادة : كان عليها ثمر من [ثمار](٣) الجنّة.
وقال عطية العوفي : نزلت من السماء سمكة فيها طعم كل شيء.
وقال الكلبي : كان عليها خبز ورز وبقل ، وقال وهب بن منبه : أنزل الله أقرصة من شعير وحيتانا وكان قوم يأكلون ثم يخرجون ويجيء آخرون فيأكلون حتى أكل (٤) جميعهم وفضل.
وعن الكلبي ومقاتل : أنزل الله خبزا وسمكا وخمسة أرغفة فأكلوا ما شاء الله تعالى ، والناس ألف ونيف فلمّا رجعوا إلى قراهم ، ونشروا الحديث ضحك منهم من لم يشهد وقالوا : ويحكم إنما سحر أعينكم فمن أراد الله به الخير ثبّته على بصيرته ، ومن أراد فتنته رجع إلى كفره ، فمسخوا (٥) خنازير ليس فيهم صبي ولا امرأة ، فمكثوا بذلك ثلاثة أيام ثم هلكوا ، ولم يتوالدوا ولم يأكلوا ولم يشربوا ، وكذلك كل ممسوخ.
وقال قتادة : كانت تنزل عليهم بكرة وعشيا حيث كانوا كالمنّ والسلوى لبني إسرائيل.
وقال عطاء بن أبي رباح عن سلمان الفارسي : لما سأل الحواريون المائدة لبس عيسى عليهالسلام
__________________
[٨٥٤] ـ الصحيح موقوف. أخرجه الترمذي ٣٠٦١ والطبري ١٣٠١٦ من حديث عمار بن ياسر ، وإسناده ضعيف ، فيه عنعنة قتادة ، وهو مدلس.
قال الترمذي : رواه غير واحد عن سعيد به موقوفا ، وهو أصح من المرفوع ، ولا نعلم للمرفوع أصلا ا ه.
وأسنده الطبري ١٣٠١٨ عن عمار موقوفا بإسناد على شرطهما ، وهو الصواب.
الخلاصة : المرفوع ضعيف منكر ، والصحيح موقوف.
__________________
(١) زيادة عن أ.
(٢) في المطبوع «يومها».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) في المطبوع وط «أكلوا».
(٥) في المطبوع «ومسخوا».