بالله ، وقد مضى القلم بما هو كائن ، فلو جهد الخلائق أن ينفعوك بما لم يقضه الله تعالى لك لم يقدروا عليه ، ولو جهدوا أن يضرّوك بما لم يكتب الله تعالى عليك ما قدروا عليه ، فإن استطعت أن تعمل بالصبر مع اليقين ، فافعل فإن لم تستطع فاصبر فإن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا ، [واعلم أن النصر مع الصبر](١) ، وأنّ الفرج مع الكرب ، وأنّ مع العسر يسرا».
(وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١٨) قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (١٩) الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٢٠))
(وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ) ، القاهر الغالب ، وفي القهر زيادة معنى على القدرة ، وهو منع غيره عن بلوغ المراد ، وقيل : هو المنفرد بالتدبير [الذي](٢) يجبر الخلق على مراده (فَوْقَ عِبادِهِ) هو صفة الاستعلاء الذي تفرّد به الله عزوجل. (وَهُوَ الْحَكِيمُ) ، في أمره ، (الْخَبِيرُ) ، بأعمال عباده.
قوله عزوجل : (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً)؟ الآية ، قال الكلبي : أتى أهل مكة رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا : أرنا من يشهد أنك رسول الله فإنّا لا نرى أحدا يصدّقك ، ولقد سألنا عنك اليهود والنصارى فزعموا أنه ليس [لك](٣) عندهم ذكر ، فأنزل الله تعالى (١) : (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً)؟ فإن أجابوك ، وإلّا (قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) ، على ما أقول ، ويشهد لي بالحق وعليكم بالباطل ، (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ) ، لأخوّفكم به يا أهل مكة ، (وَمَنْ بَلَغَ) ، [يعني :](٤) ومن بلغه القرآن من العجم وغيرهم من الأمم إلى يوم القيامة.
[٨٦٦] حدثنا أبو الفضل زياد بن محمد الحنفي أنا محمد بن بشر بن محمد المزني أنا أبو بكر محمد بن الحسن بن بشر النقاش أنا أبو شعيب الحراني أنا يحيى بن عبد الله بن الضحاك البابلتّي (٢) أنا الأوزاعي حدثني حسان بن عطية عن أبي كبشة السلولي (٣) عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «بلّغوا عني ولو آية ، وحدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، ومن كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النار».
__________________
(١) عزاه المصنف للكلبي وسنده إليه في أول الكتاب والكلبي متروك وانظر «أسباب النزول» للواحدي ٤٢٤.
[٨٦٦] ـ حديث صحيح. إسناده ضعيف ، يحيى بن عبد الله ضعفه غير واحد ، والأكثر على أنه لم يسمع من الأوزاعي ، راجع «التهذيب» (١١ / ٢١١) لكن توبع هو ومن دونه ، الأوزاعي هو عبد الرحمن بن عمرو ، أبو شعيب هو عبد الله بن الحسن.
وهو في «شرح السنة» ١١٣ بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري ٣٤٦١ والترمذي ٢٦٦٩ وابن أبي شيبة (٨ / ٧٦٠) وأحمد (٢ / ٢٠٢ و ٢١٤ و ١٥٩) والطحاوي في «المشكل» ١٣٣ و ١٣٤ و ٣٩٨ والطبراني في «الصغير» ٤٦٢ والخطيب في «تاريخه» (١٣ / ١٥٧) وابن حبان ٦٢٥٦ والقضاعي في «مسند الشهاب» ٦٦٢ وأبو نعيم في «الحلية» (٦ / ٧٨) والبيهقي في «الآداب» ١٠٤٩ من طرق عن الأوزاعي به.
(٢) وقع في الأصل «البلابلي» والتصويب عن «شرح السنة» و «الأنساب».
(٣) وقع في الأصل «السلوي» والتصويب عن «شرح السنة» ومصادر التخريج.
__________________
(١) سقط من المطبوع.
(٢) زيادة عن المخطوط وط.
(٣) زيادة عن المخطوط وط.
(٤) زيادة عن المخطوط.