لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٦٥))
(قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا) ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : سيدا وإلها (وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) ، وذلك أن الكفار كانوا يقولون للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : ارجع إلى ديننا. قال ابن عباس : كان الوليد بن المغيرة يقول : اتبعوا سبيلي أحمل عنكم أوزاركم ، فقال الله تعالى : (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها) ، لا تجني (١) كل نفس إلا ما كان إثمه على الجاني ، (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) ، أي لا تحمل [نفس حاملة](٢) حمل أخرى ، أي : لا يؤاخذ أحد بذنب غيره ، (ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ).
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ) ، يعني : أهلك (٣) القرون الماضية وأورثكم الأرض يا أمة محمد صلىاللهعليهوسلم من بعدهم ، فجعلكم خلائف منهم فيها تخلفونهم فيها وتعمرونها بعدهم ، والخلائف جمع خليفة كالوصائف جمع وصيفة ، وكل من جاء بعد من مضى فهو خليفة ، لأنه يخلفه. (وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) ، أي : خالف بين أحوالكم فجعل بعضكم فوق بعض في الخلق والرزق والمعاش والقوة والفضل ، (لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ) ، ليختبركم فيما رزقكم ، يعني : يبتلي الغني والفقير والشريف والوضيع والحرّ والعبد ، ليظهر منكم ما يكون عليه من الثواب والعقاب ، (إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ) ، لأن ما هو آت فهو سريع قريب ، قيل : هو [والله تعالى أعلم بالصواب وإليه المئاب](٤) الهلاك في الدنيا ، (وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) ، قال عطاء سريع العقاب لأعدائه غفور لأوليائه رحيم بهم.
سورة الأعراف
مكيّة كلها إلا خمس آيات أولها : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ) [١٦٣ ـ ١٦٧].
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(المص (١) كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٣) وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ (٤) فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلاَّ أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٥) فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦))
(كِتابٌ) ، أي : هذا كتاب ، (أُنْزِلَ إِلَيْكَ) ، وهو القرآن ، (فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ) ، قال
__________________
(١) في المطبوع وحده «تجيء».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «أهل».
(٤) زيادة عن المخطوط أ.