اللؤلؤي ثنا أبو داود السجستاني حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد يعني ابن سلمة أنبأنا سعيد الجريري عن أبي نعامة :
أن عبد الله بن مغفل سمع ابنه يقول : اللهمّ إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنّة إذا دخلتها ، فقال : يا بني سل الله الجنة وتعوّذ به من النار ، فإنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إنّه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطّهور والدّعاء».
وقيل : أراد به الاعتداء بالجهر ، قال ابن جريج : من الاعتداء رفع الصوت والنداء بالدعاء والصياح.
[٩٢٨] روينا عن أبي موسى قال : لمّا غزا رسول الله صلىاللهعليهوسلم خيبر أشرف الناس على واد فرفعوا أصواتهم بالتكبير ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أربعوا على أنفسكم إنّكم لا تدعون أصمّ ولا غائبا ، إنّكم تدعون سميعا قريبا».
وقال عطية : هم الذين يدعون على المؤمنين فيما لا يحلّ ، فيقولون : اللهمّ اخزهم اللهمّ العنهم.
(وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها) ، أي : لا تفسدوا فيها بالمعاصي والدعاء إلى غير طاعة الله بعد إصلاح الله إيّاها ببعث الرسل وبيان الشّريعة ، والدعاء إلى طاعة الله ، وهذا معنى قول الحسن والسدي والضحاك والكلبي. وقال عطية : لا تعصوا في الأرض فيمسك الله المطر ويهلك الحرث بمعاصيكم. فعلى هذا معنى قوله : (بَعْدَ إِصْلاحِها) ، أي : بعد إصلاح الله إيّاها بالمطر والخصب. (وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً) ، أي : خوفا منه ومن عذابه وطمعا فيما عنده من مغفرته وثوابه. وقال ابن جريج : خوف العدل وطمع الفضل. (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) ، ولم يقل قريبة ، قال سعيد بن جبير : الرحمة هاهنا الثواب ، فرجع النعت إلى المعنى دون اللفظ ؛ كقوله : (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ) [النساء : ٨] ، ولم يقل منها لأنه أراد الميراث والمال. وقال الخليل بن أحمد : القريب والبعيد يستوي فيهما المذكر والمؤنّث والواحد والجمع. قال أبو عمرو بن العلاء : القريب في اللغة يكون بمعنى القرب وبمعنى المسافة ، تقول العرب : هذه المرأة قريبة منك إذا كانت بمعنى القرابة ، وقريب منك إذا كانت بمعنى المسافة.
(وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٥٧) وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (٥٨))
قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً) ، قرأ عاصم (بشرا) بالباء وضمها وسكون الشين هاهنا وفي الفرقان [٤٨] وسورة النمل [٦٢] ، يعني : أنها تبشر بالمطر بدليل قوله تعالى : (الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ) [الروم : ٤٦] ، وقرأ حمزة والكسائي (نَشْراً) بالنون وفتحها ، وهي الرياح الطيبة اللينة ، قال الله تعالى : (وَالنَّاشِراتِ نَشْراً) [المرسلات : ٣] ، وقرأ ابن عامر بضم النون وسكون الشين ، وقرأ الآخرون بضم النون
__________________
ـ والطبراني ٥٥ و ٥٦ ، وله شواهد أخرى.
الخلاصة : هو حديث صحيح له طرق وشواهد.
[٩٢٨ ـ تقدم في سورة البقرة آية : ١٨٦ ، وهو حديث صحيح.]