(لا يَخْرُجُ) نباتها ، (إِلَّا نَكِداً) ، قرأ أبو جعفر بفتح الكاف ، وقرأ الآخرون بكسرها ، أي : عسرا قليلا بعناء ومشقّة. فالأول مثل المؤمن الذي إذا سمع القرآن وعاه وعقله وانتفع به ، والثاني مثل الكافر الذي يسمع القرآن ولا يؤثر فيه ، كالبلد الخبيث الذي لا يتبيّن فيه أثر المطر ، (كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ) نبيّنها ، (لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ).
[٩٣٠] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنبأنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا محمد بن العلاء حدثنا حماد بن أسامة عن بريد (١) بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى :
عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبة (١) قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير ، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا ، وأصاب منها طائفة أخرى إنّما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه وما بعثني الله به فعلم وعلّم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به».
(لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٥٩) قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٦٠) قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦١) أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٦٢))
قوله تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) ، وهو نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ وهو إدريس ، وهو أول نبيّ بعثه الله بعد إدريس ، وكان نجارا بعثه الله إلى قومه وهو ابن خمسين سنة. وقال ابن عباس : ابن أربعين سنة. وقيل : بعث وهو ابن مائتين وخمسين سنة. وقال مقاتل : ابن مائة سنة. وقال ابن عباس : سمي نوحا لكثرة ما ناح على نفسه. واختلفوا في سبب نوحه فقال بعضهم : لدعوته على قومه بالهلاك. وقيل : لمراجعته ربّه في شأن ابنه كنعان. وقيل : لأنه مرّ بكلب مجذوم ، فقال : اخسأ يا قبيح فأوحى الله تعالى إليه أعبتني أم عبت الكلب؟ (١)(فَقالَ) لقومه : (يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) ، قرأ أبو جعفر والكسائي (مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) ، بكسر الراء حيث كان على نعت الإله ، وافق حمزة في سورة
__________________
(١) وقع في سائر النسخ وفي «شرح السنة» أيضا «يزيد» والتصويب من «صحيح البخاري» وكتب التراجم.
[٩٣٠] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
أبو بردة ، قيل : اسمه عامر ، وقيل : الحارث ، وهو ابن أبي موسى الأشعري.
وهو في «شرح السنة» ١٣٥ بهذا الإسناد وتصحّف فيه «بريد» إلى «يزيد».
وهو في «صحيح البخاري» ٧٩ عن محمد بن العلاء به.
وأخرجه مسلم ٢٢٨٢ والنسائي في «الكبرى» ٥٨٤٣ وأحمد (٤ / ٣٩٩) وابن حبان ٤ والرامهرمزي في «الأمثال» ١٢ والبيهقي في «الدلائل» (١ / ٣٦٨) من طرق عن أبي أسامة حماد بن أسامة به.
(٢) هذا من الإسرائيليات لا حجة فيه البتة.
__________________
(١) في «شرح السنة» «ثغبة» بدل «طائفة طيبة».