(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) ، في العون والنصرة. وقال ابن عباس : في الميراث ، أي : يرث المشركون بعضهم من بعض ، (إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ) ، قال ابن عباس : ألا تأخذوا في الميراث بما أمرتكم به. وقال ابن جريج : ألا تعاونوا وتناصروا. وقال ابن إسحاق : جعل الله المهاجرين والأنصار أهل ولاية في الدين دون من سواهم ، وجعل الكافرين بعضهم أولياء بعض ، ثم قال : (إِلَّا تَفْعَلُوهُ) ، وهو أن يتولّى المؤمن الكافر دون المؤمنين (١) ، (تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ) ، فالفتنة في الأرض قوّة الكفر ، والفساد الكبير ضعف الإسلام.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) ، لا مرية ولا ريب في إيمانهم. قيل : حققوا إيمانهم بالهجرة والجهاد وبذل المال في الدين ، (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) ، الجنّة. فإن قيل : فأي معنى في تكرار هذه الآية؟ قيل : المهاجرون كانوا على طبقات ، فكان بعضهم أهل الهجرة الأولى وهم الذين هاجروا قبل الحديبية ، [وبعضهم أهل الهجرة الثانية وهم الذين هاجروا بعد صلح الحديبية](٢) قبل فتح مكّة ، وكان بعضهم ذا هجرتين هجرة الحبشة والهجرة إلى المدينة ، فالمراد من الآية الأولى الهجرة الأولى ، ومن الثانية الهجرة الثانية.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٧٥))
قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ) ، أي : معكم ، يريد أنتم منهم وهو منكم ، (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) ، وهذا نسخ التوارث بالهجرة وردّ الميراث إلى ذوي (٣) الأرحام. قوله : (فِي كِتابِ اللهِ) ، أي : في حكم الله عزوجل. وقيل : أراد بكتاب الله القرآن ، يعني : القسمة التي بيّنها في سورة النساء ، (إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
سورة التوبة
[قال مقاتل : هذه السورة مدنية كلها إلا آيتين من آخر السورة](٤). قال سعيد بن جبير : قلت لابن عباس : [ما تقول في](٥) سورة التوبة؟ قال : هي الفاضحة ما زالت تنزل فيهم [ومنهم](٦) حتى ظنوا أنها لم تبق أحدا إلا ذكر فيها ، قال : قلت : [و] سورة الأنفال؟ قال : تلك سورة بدر ، قال : قلت : وسورة الحشر؟ قال : قل سورة بني النضير.
__________________
(١) في المطبوع «المؤمن».
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من المخطوط.
(٣) في المخطوط «أولي».
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من المخطوط.
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(٦) زيادة عن المخطوط.