ذِمَّةً) ، أي : عهدا. (يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ) ، أي : يطيعونكم بألسنتهم خلاف ما في قلوبهم ، (وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ) ، الإيمان ، (وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ) ، فإن قيل : هذا في المشركين وكلهم فاسقون ، فكيف قال : (وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ)؟ قيل : أراد بالفسق نقض العهد هاهنا ، وكان في المشركين من وفى بعهده [وأكثرهم نقضوا](١) ، فلهذا قال : (وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ).
(اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٩) لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (١٠) فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١١))
(اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً) ، وذلك أنهم نقضوا العهد الذي بينهم وبين رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأكلة أطعمهم إيّاها أبو سفيان. [و] قال مجاهد : أطعم أبو سفيان حلفاءه ، (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ) ، فمنعوا الناس من الدخول في دين الله. وقال ابن عباس رضي الله عنه : إن أهل الطائف أمدّوهم بالأموال ليقوّوهم على حرب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، (إِنَّهُمْ ساءَ) بئس (ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
(لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) ، يقول : لا تبقوا (٢) عليهم أيها المؤمنون كما لا يبقون (٣) عليكم لو ظهروا ، (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ) ، بنقض العهد.
(فَإِنْ تابُوا) من الشرك ، (وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ) ، فهم إخوانكم ، (فِي الدِّينِ) ، لهم ما لكم وعليهم ما عليكم ، (وَنُفَصِّلُ الْآياتِ) نبيّن الآيات (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) ، قال ابن عباس : حرمت هذه الآية دماء أهل القبلة. قال ابن مسعود : أمرتم بالصلاة والزكاة فمن لم يزك فلا صلاة له.
[١٠٣٢] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ثنا شعيب بن أبي حمزة عن الزهري ثنا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أبا هريرة رضي الله عنه قال :
لمّا توفي رسول الله صلىاللهعليهوسلم واستخلف أبو بكر رضي الله عنه بعده ، وكفر من كفر من العرب قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي بكر : كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أمرت أن أقاتل
__________________
[١٠٣٢] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
الزهري هو محمد بن مسلم.
وهو في «صحيح البخاري» ١٣٩٩ ، ١٤٠٠ عن أبي اليمان بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري ١٤٥٦ وابن مندة في «الإيمان» ٢١٥ والبيهقي (٤ / ١٠٤) من طريق أبي اليمان به.
وأخرجه النسائي (٦ / ٥) و (٧ / ٧٨) وابن حبان ٢١٦ من طريق شعيب بن أبي حمزة به.
وأخرجه البخاري ٧٢٨٤ و ٧٢٨٥ ومسلم ٢٠ وأبو داود ١٥٥٦ والترمذي ٢٦٠٧ والنسائي (٥ / ١٤) و (٧ / ٧٧) وعبد الرزاق ١٨٧١٨ وأحمد (٢ / ٢٥٨) وابن مندة ٢٤ و ٢١٦ وابن حبان ٢١٧ والبيهقي (٧ / ٤) و (٤ / ١٠٤ و ١١٤) من طرق عن الزهري به.
__________________
(١) ما بين المعقوفتين سقط من المخطوط.
(٢) تصحف في المخطوط إلى «تنفقوا».
(٣) تصحف في المخطوط إلى «ينفقوا».