وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٣) قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٤) وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٥) وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٦))
(فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ) ، يعني : مشركي مكّة ، (إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا) ، مضوا ، (مِنْ قَبْلِهِمْ) ، من مكذّبي الأمم ، قال قتادة : يعني وقائع الله في قوم نوح وعاد وثمود. والعرب تسمّي العذاب أياما والنعم أياما ؛ كقوله : (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) [إبراهيم : ٥] ، وكل ما مضى عليك من خير وشر فهو أيام ، (قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ).
(ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا) ، قرأ يعقوب (نُنَجِّي) خفيف مختلف عنه ، (وَالَّذِينَ آمَنُوا) ، معهم عند نزول العذاب معناه : نجينا مستقبل بمعنى الماضي ، (كَذلِكَ) ، كما نجيناهم ، (حَقًّا) واجبا ، (عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) ، قرأ الكسائي وحفص ويعقوب (نُنَجِّي) بالتخفيف والآخرون بالتشديد ، ونجا وأنجى بمعنى واحد.
قوله تعالى : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي) ، الذي أدعوكم إليه ، فإن قيل : كيف قال إن كنتم في شك وهم كانوا (١) يعتقدون بطلان ما جاء به؟ قيل : كان فيهم شاكّون فهم المراد بالآية ، أو أنهم لما رأوا الآيات اضطربوا وشكّوا في أمرهم وأمر النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، قوله عزوجل : (فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) ، من الأوثان ، (وَلكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ) ، يميتكم ويقبض أرواحكم ، (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).
قوله : (وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) ، قال ابن عباس : عملك. وقيل : استقم على الدين حنيفا. (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
(وَلا تَدْعُ) ، ولا تعبد ، (مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكَ) ، إن أطعته ، (وَلا يَضُرُّكَ) ، إن عصيته ، (فَإِنْ فَعَلْتَ) ، فعبدت غير الله ، (فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ) ، الضارّين لأنفسهم الواضعين العبادة في غير موضعها.
(وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٠٧) قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (١٠٨) وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (١٠٩))
(وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ) ، أي : يصبك بشدة وبلاء ، (فَلا كاشِفَ لَهُ) ، فلا دافع له ، (إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ) ، رخاء ونعمة وسعة ، (فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ) ، فلا مانع لرزقه (٢) ، (يُصِيبُ بِهِ) ، بكل واحد من الضرّ والخير ، (مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ) ، يعني : القرآن والإسلام ، (فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي
__________________
(١) في المخطوط «كافرون».
(٢) العبارة في المخطوط «لا دافع له أي لا دافع لرزقه».