سورة المائدة
مدنية كلها إلّا قوله : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) [المائدة : ٣] الآية ، فإنها نزلت بعرفات ، وهي مائة وعشرون آية.
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
روي عن أبي ميسرة قال : أنزل الله تعالى في هذه السورة ثمانية عشر حكما لم ينزلها في غيرها ، قوله : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) [المائدة : ١] ، وقوله : (وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا) [المائدة : ٣] ، (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [المائدة : ٥] ، وتمام الطهور في قوله : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) [المائدة : ٦] ، (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) [المائدة : ٣٨] ، (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) [المائدة : ٩٥] الآية ، (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ (١٠٣)) [المائدة : ١٠٣] ، وقوله : (شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) [المائدة : ١٠٦].
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلاَّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ (١))
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ، أي : بالعهود ، قال الزجاج : هي أوكد العهود ، يقال : عاقدت فلانا وعقدت عليه أي : ألزمته ذلك باستئناف ، وأصله من عقد الشيء بغيره ووصله به ، كما يعقد الحبل بالحبل إذا وصل ، واختلفوا في هذه العقود ، قال ابن جريج : هذا خطاب لأهل الكتاب ، يعني : يا أيّها الذين آمنوا بالكتب المتقدمة أوفوا بالعهود التي عهدتها إليكم في شأن محمد صلىاللهعليهوسلم ، وهو قوله : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ) [آل عمران : ١٨٧] ، وقال الآخرون : هو عام ، قال قتادة : أراد بها الحلف الذي تعاقدوا عليه في الجاهلية ، قال ابن مسعود رضي الله عنه : هي عهود الإيمان والقرآن ، وقيل : هي العقود التي يتعاقدها الناس بينهم ، (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) ، قال الحسن وقتادة : هي الأنعام كلّها ، وهي الإبل والبقر والغنم ، وأراد تحليل ما حرّم أهل الجاهلية على أنفسهم من الأنعام.
وروى أبو ظبيان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : بهيمة الأنعام هي الأجنّة ، ومثله عن الشعبي قال : هي الأجنّة التي توجد ميتة في بطون أمهاتها إذا ذبحت أو نحرت ، ذهب أكثر أهل العلم إلى تحليله.
[٧٣٨] قال الشيخ رحمهالله تعالى : قرأت على أبي عبد الله محمد بن الفضل الخرقي فقلت : قرئ على
__________________
[٧٣٨] ـ حديث جيد بمجموع طرقه وشواهده. إسناده غير قوي لأجل مجالد وهو ابن سعيد ، لكن توبع ، وشيخه من رجال مسلم