بهيمة الأنعام كلّها إلا ما كان منها وحشيا ، فإنه صيد لا يحلّ لكم في حال الإحرام ، فذلك (١) قوله تعالى : (وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢)).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ).
[٧٤٠] نزلت في الحطم واسمه شريح بن ضبيعة البكري ، أتى المدينة وخلّف خيله (٢) خارج المدينة ، ودخل وحده على النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال له : إلام تدعو الناس؟ فقال له : «إلى شهادة أن لا إله إلّا الله ، [وأنّ محمدا رسول الله](٣) ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة» ، فقال : حسن ، إلا أن لي أمراء لا أقطع أمرا دونهم ، ولعلّي أسلم وآتي بهم ، وقد كان النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال لأصحابه : «يدخل عليكم رجل من ربيعة يتكلم بلسان شيطان» ، ثم خرج شريح من عنده ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لقد دخل بوجه كافر وخرج بقفا غادر وما الرجل بمسلم» ، فمرّ بسرح (١) المدينة فاستاقه وانطلق ، فاتّبعوه فلم يدركوه ، فلمّا كان العام القابل خرج حاجا في حجاج بكر بن وائل من اليمامة ومعه تجارة عظيمة ، وقد قلّدوا الهدي ، فقال المسلمون للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : هذا الحطم قد خرج حاجا فخلّ بيننا وبينه ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «إنه [قد](٤) قلّد الهدي» ، فقالوا : يا رسول الله ، هذا شيء كنّا نفعله في الجاهلية ، فأبى النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فأنزل الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ).
قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد : هي مناسك الحج ، وكان المشركون يحجّون ويهدون ، فأراد المسلمون أن يغيروا عليهم فنهاهم الله عن ذلك. وقال أبو عبيدة : شعائر الله هي الهدايا المشعرة ، والإشعار من الشعار ، وهي العلامة ، وإشعارها : إعلامها بما يعرف أنها هدي ، والإشعار هاهنا : أن يطعن في صفحة سنام (٥) البعير بحديدة حتى يسيل الدم ، فيكون ذلك علامة أنها هدي ، وهي سنة في الهدايا إذا كانت من الإبل ، لما :
[٧٤١] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا
__________________
[٧٤٠] ـ ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٣٧٩ عن ابن عباس بدون إسناد ، وورد عن السدي مرسلا بنحوه أخرجه الطبري ١٠٩٦١ وأخرجه بنحوه من مرسل عكرمة برقم ١٠٩٦٢ وكرره من مرسل ابن جريج ، فهذه الروايات تتأيد بمجموعها.
(١) السرح : المال السائم.
[٧٤١] ـ إسناده على شرط البخاري ومسلم ، أبو نعيم هو الفضل بن دكين ، أفلح هو ابن حميد بن نافع ، القاسم هو ابن محمد بن أبي بكر الصديق.
وهو في «شرح السنة» ١٨٨٣ بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح البخاري» ١٦٩٦ عن أبي نعيم بهذا الإسناد.
__________________
(١) تصحف في المطبوع «فلذلك».
(٢) كذا في المطبوع وط و «أسباب النزول» ، وفي المخطوط «رحله».
(٣) زيد في المطبوع وط ، وليس في المخطوط و «أسباب النزول».
(٤) زيادة عن المخطوط وط.
(٥) تصحف في المطبوع «سنان».