قلنا : هذا باطل من وجوه أولها :
اتفاق أهل العربية على أن الإعراب بالمجاورة شاذ نادر لا يقاس عليه وإنما ورد مسموعا في مواضع لا يتعداها إلى غيرها وما هذا سبيله فلا يجوز حمل القرآن عليه من غير ضرورة يلجأ إليه.
وثانيها : أن المجاورة لا يكون معها حرف عطف وهذا ما ليس فيه بين العلماء خلاف.
وفي وجود واو العطف في قوله تعالى (وَأَرْجُلَكُمْ) دلالة على بطلان دخول المجاورة فيه وصحة العطف.
وثالثها : أن الإعراب بالجوار إنما يكون بحيث ترتفع الشبهة عن الكلام ولا يعترض اللبس في معناه ألا ترى أن الشبهة زائلة والعلم حاصل في قولهم حجر ضب خرب بأن خربا صفة للحجر دون الضب. وكذلك ما أنشد في قوله مزمل وأنه من صفات الكبير دون البجاد. وليس هكذا الآية لأن الأرجل يصح أن فرضها المسح كما يصح أن يكون الغسل فاللبس مع المجاورة فيها قائم والعلم بالمراد منها مرتفع فبان بما ذكرناه أن الجر فيها ليس هو بالمجاورة والحمد لله.
فإن قيل كيف ادعيتم أن المجاورة لا تجوز مع واو العطف وقد قال الله عزوجل :
(يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ) (١)
ثم قال (وَحُورٌ عِينٌ) (٢)
فخفضهن بالمجاورة لأنهن يطفن ولا يطاف بهن.
قلنا أول ما في هذا أن القراء لم يجمعوا على جر حور عين بل أكثر السبعة يرى أن الصواب فيها الرفع وهم نافع وابن كثير وعاصم في رواية
_________________
(١) سورة الواقعة آية : ١ ٧ = ١ ٨.
(٢) الواقعة آية : ٢١.