أبي عمرو وابن عامر وإنما قرأها بالجر حمزة والكسائي وفي رواية المفضل عن عاصم.
وقد حكي عن أبي عبيدة أنه كان ينصب فيقرأ وحورا عينا.
ثم إن للجر فيها وجها صحيحا غير المجاورة وهو أنه لما تقدم قوله تعالى (أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) عطف بحور عين على جنات النعيم فكأنه قال هم في جنات النعيم وفي مقارنة أو معاشرة حور عين وحذف المضاف (١).
وهذا وجه حسن وقد ذكره أبو علي الفارسي (٢) في كتاب الحجة في القرآن واقتصر عليه دون ما سواه ولو كان للجر وبالمجاورة فيه وجه لذكره.
فإن قيل ما أنكرتم من أن تكون القراءة بالجر موجبة للمسح إلا أنه متعلق بالخفين لا بالرجلين وأن تكون القراءة بالنصب موجبة للغسل المتعلق بالرجلين بأعيانهما فيكون للآية قراءتان مفيدة لكلا الأمرين؟
قلنا أنكرنا ذلك لأنه انصراف عن ظاهر القرآن والتلاوة إلى التجوز والاستعارة من غير أن تدعو إليه ضرورة ولا أوجبته دلالة وذلك خطأ لا محالة.
والظاهر يتضمن ذكر الأرجل بأعيانها فوجب أن يكون المسح متعلقا بها دون غيرها كما أنه يتضمن ذكر الرءوس وكان الواجب المسح بها أنفسها دون أغيارها.
ولا خلاف في أن الخفاف لا يعبر عنها بالأرجل كما أن العمائم لا يعبر عنها
_________________
(١) وهو المقارنة أو المعاشرة.
(٢) هو أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفسوي النحوي من أئمة العلم والأدب ولد بمدينة (فسا) سنة ٢٨٨ ه ، وقدم بغداد واشتغل بها سنة ٣٠٧ ه ، وأصبح إمام عصره في النحو واتصل بسيف الدولة الحمداني وأقام عنده مدة وذلك سنة ٣٤١ ه ، وجرت بينه وبين المتنبي الشاعر محاورات ، توفي في بغداد سنة ٣٧٧ ه.