لا يصح أن تدلا إلا على المسح وأنه لا حجة لمن ذهب إلى الغسل وإذا وجب المسح بطل التخيير.
وقد احتج الخصوم لمذهبهم من طريق القياس فقالوا إن الأرجل عضو يجب فيه الدية أمرنا بإيصال الماء إليه فوجب أن يكون مغسولا كاليدين.
وهذا احتجاج باطل وقياس فاسد لأن الرأس عضو يجب فيه الدية وقد أمرنا بإيصال الماء إليه وهو مع ذلك ممسوح.
ولو تركنا والقياس لكان لنا منه حجة هي أولى من حجتهم وهي أن الأرجل عضو من أعضاء الطهارة الصغرى يسقط حكمه في التيمم فوجب أن يكون فرضه المسح دليله القياس على الرأس.
فإن قالوا هذا ينتقض عليكم بالجنب لأن غسل جميع بدنه وأعضائه يسقط في التيمم وفرضه مع ذلك الغسل.
قلنا وقد احترزنا من هذا بقولنا إن الأرجل عضو من أعضاء الطهارة الصغرى فلا يلزمنا بالجنب نقض على هذا.
فإن قال قائل فما تصنعون في الخبر المروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
أنه توضأ فغسل وجهه وذراعيه ثم مسح رأسه وغسل رجليه وقال هذا وضوء الأنبياء من قبلي هذا الذي لا تقبل الصلاة إلا به؟
قيل هذا الخبر الذي مختلط من وجهين رواهما أصحابك.
أحدهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم توضأ مرة مرة وقال هذا الذي لا يقبل الله صلاة إلا به ولم يأت في الخبر كيفية الوضوء.
والآخر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم غسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا ومسح رأسه وغسل رجليه إلى الكعبين وقال هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي ولم يقل لم يقبل الله صلاة إلا به فخلطت في روايتك أحد الخبرين بالآخر لبعدك من معرفة الأثر.
وبعد فلو كانت الرواية على ما أوردته لم يكن لك فيها حجة لأن الخبر