يظهر فيه رجل من ولدي يواطئ اسمه اسمي يملؤها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا (١).
فاسمه يواطئ اسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكنيته تواطئ كنيته غير أن النهي قد ورد عن اللفظ فلا يجوز أن يتجاوز في القول إنه المهدي والمنتظر والقائم بالحق والخلف الصالح وإمام الزمان وحجة الله على الخلق.
_________________
(١) روى هذا الحديث وأمثاله ابن خلدون في المقدّمة في الفصل الثاني والخمسين عن الترمذي وأبي داود باختلاف في بعض ألفاظه ، وروى حوالي اثنين وثلاثين حديثا ، وقال في صلى الله عليه وآله وسلم ٣١ ١ من المقدّمة :
«إن جماعة من الأئمة خرّجوا أحاديث المهديّ ، منهم : الترمذي ، وأبو داود ، والبزاز ، وابن ماجة ، والحاكم ، والطبراني ، وأبو يعلى الموصلي ، وأسندوها إلى جماعة من الصحابة مثل علي ، وابن عبّاس ، وابن عمر ، وطلحة ، وابن مسعود ، وأبي هريرة ، وأنس ، وأبي سعيد الخدري ، وأم حبيبة ، وأم سلمة ، وثوبان ، وقرة بن إياس ، وعلي الهلالي ، وعبد اللّه بن الحارث بن جزء».
وقد ناقش في سندها تارة ، وفي متنها تارة أخرى على طريقته الخاصّة. وهي إسقاط كل رواية تأتي عن طريق الشيعة ، أو عن طريق من يميل إلى أهل البيت ، أو عن طريق من يتهم بالتشيع وإن لم يكن شيعيا ، أو عن طريق من يروي شيئا من فضائل أهل البيت ، أو شيئا من معاتب أعدائهم الأمويين.
ولكن برغم مناقشات ابن خلدون وغيره ، فإن هناك حقيقة ثابتة ، وهي أن الأحاديث في هذا الموضوع قد بلغت من الكثرة حدّ التواتر المعنوي ، لا يمكن التشكيك في مضمونها ، أو دعوى أنّها موضوعة ، إذ لم يحظ موضوع من المواضيع الإسلامية كموضوع قضية المهديّ المنتظر ، وليس له شبيه من حيث عدد الأرقام الهائلة من الأحاديث في هذا الموضوع ، فقد أحصيت الأحاديث الواردة فيها من طريق أهل السنة وفي مسانيدها ومؤلّفاتها ما يربو على أربعمائة حديث عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله ، وأحصي مجموع الأخبار الواردة من طرق الشيعة والسنة ، فبلغت أكثر من ستة آلاف حديث ، وهو رقم هائل لم يتوافر في أي قضية إسلامية أخرى ، حتى في تلك القضايا الإسلامية الضرورية ، وهو يتحدى كل شك وإنكار.
وقد وضعت عدة مؤلّفات في هذا الموضوع ، ومن أحسنها ، كتاب منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر للشيخ لطف اللّه محمّد جواد الصافي.