أو يعتقد فيه البطلان بل أجمعوا من جواز طول الأعمار على ما ذكرناه.
والمستدل يعلم جواز ذلك في العقل إذا أنعم الاستدلال والأخبار قد تناصرت في قوم عمروا في قريب الزمان سوف أذكر جماعة منهم ليتأكد البيان وليس المنازعة لنا بعد ذلك من ذي بصيرة وعرفان.
فإن قال قائل إن الأعمار قد كانت يتطاول في سالف الدهر ثم تناقضت عصرا بعد عصر حتى انتهت إلى ما نراه مما لا يجوز اليوم سواه.
قيل له إن العاقل يعلم أن الزمان لا تأثير له في الأعمار وأن زيادتها ونقصانها من فعل قادر مختار يغيرها في الأوقات بحسب مما يراه من الصلاح.
ولسنا ننكر أن الله سبحانه قد أجرى اليوم بأقدار متقاربة في الأعمار يخالف ما كان في متقدم الزمان غير أن هذا لا يحيل طول عمر بعض الناس إذا كان ذلك ممكنا من القادر المعطي للأعمار.
وقد ذكرنا أن الأخبار قد أتت بذكر المعمرين كانوا في قريب الزمان فلا طريق إلى دفع ما ذكرناه مع هذا الإيضاح.
وأما الذين استعاروا كلام الفلاسفة من المخالفين لنا في هذه المسألة وقولهم في العمر من المستحيل في العقول فإنهم لم يعولوا في العلم بذلك على ضرورة يشاركهم العقلاء فيها وإذا عدموا الضرورة فلا بد من حجة عقلية يطالبون بإيرادها ولا حجة معهم ينطقون بها ولا عمدة لهم أكثر من الهوى والرجوع إلى ما يشاهد ويرى والهوى مضلة والإنكار لما لم يشاهد مزلة وليس من موحد ولا ملحد إلا وهو يثبت ما لا يرى ويقر بما لم يشاهد.
فالموحد يقر بالله والملائكة وطول أعمارها ولم نر شيئا منها .. (١).
والملحدة قد تقر بوجود جواهر بسيطة لا تجوز عليها الرؤية وتدعي أيضا وجود عقل .. (٢)لم ترهما ولا رأت .. (٣) فضلا عنها.
__________________
(١ و ٢ و ٣) في هذه الفراغات كلمات غير واضحة.