ومنهم الحرث بن كعب المذحجي عاش مائة وستين سنة وله وصية حسنة لقومه وكان على شريعة المسيح عليهم السلام وهو القائل :
أكلت شبابي فأمضيته |
|
وأمضيت من بعد دهر دهورا |
ثلاثة أهلين جاورتهم |
|
فبادوا وأصبحت شيخا كبيرا |
قليل الطعام عسير القيام |
|
قد ترك الدهر خطوي قصيرا |
أبيت وأرعى نجوم السماء |
|
أقلب أمري بطونا ظهورا |
ومنهم الأفوه بن مالك الأودي (١) عاش مائتين وثلاثين سنة وله وصية لقومه وقصيدته المشهورة عنه المعروفة (٢) :
فينا معاشر لن يبنوا لقومهم |
|
وإن بنى قومهم ما أفسدوا عادوا |
لا يرشدون ولن يرعوا لمرشدهم |
|
فالجهل منهم معا والغي ميعاد |
أضحوا كفيل بن عتر في عشيرته |
|
إذ أهلكت بالذي باءت به عاد |
وبعده كقدار حين تابعه |
|
على الغواية أقوام فقد بادوا |
والبيت لا يبتنى إلا له عمد |
|
ولا عماد إذا لم ترس أوتاد |
وإن تجمع أوتاد وأعمدة |
|
وساكن بلغوا الأمر الذي كادوا |
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم |
|
ولا سراة إذا جهالهم سادوا |
إذا تولى سراة القوم أمرهم |
|
نما على ذاك أمر القوم فازدادوا |
يلقى الأمور بأهل الرأي ما صلحت |
|
فإن تولت فبالأشرار تنقاد |
إمارة الغي أن نلقى الجميع لدى |
|
الإبرام .. (٢) |
كيف الرشاد إذا ما كنت في نفر |
|
لهم عن الرشد أغلال وأقياد |
أعطوا غواتهم جهلا مقادهم |
|
فكلهم في حبال الغي منقاد |
حان الرحيل إلى قوم وإن بعدوا |
|
فيهم صلاح لمرتاد وإرشاد |
فسوف أجعل بعد الأرض دونكم |
|
وإن دنت رحم منكم وميلاد |
__________________
(١) هو صلاءة بن عمرو بن مالك ، والأفوه لقب ، كان من سادات العرب في الجاهلية ، وكان شاعرا فحلا وفارسا مغوارا ، وذا رأي وحزم ومات (سنة ٥٧٠ م).
(٢) في النسخة أغلاط كثيرة ونقص كلمات.
(٣) كلمات غير واضحة.